للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفتحِها (١)، ردًّا على قولِه: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. ولم يَقُلْ: يَسْأَلُنا مَن في السماواتِ والأرضِ. فأتْبَعوا الخبرَ الخبرَ.

والصوابُ من القولِ في ذلك عندِي أنهما قراءتان معروفتان مُتقاربتا المعنى، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

وأما تأويلُه، فإنه وعيدٌ من اللَّهِ لعبادِه وتَهدُّدٌ، كقولِ القائلِ الذي يتهدَّدُ غيرَه ويتوعَّدُه، ولا شغلَ له يَشغَلُه عن عقابِه: لأتَفَرَّغَنَّ لك، وسَأَتَفَرَّغُ لك. بمعنى: سآخُذُ (٢) في أمرِك وأُعاقِبُك. وقد يقولُ القائلُ للذي لا شُغْلَ له: قد فرَغتَ لي، وقد فرَغتَ لشتمِي. أي: أخَذتَ فيه وأقبَلتَ عليه. وكذلك قولُه جلَّ ثناؤه: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾: سنُحاسِبُكم، ونأخُذُ في أمرِكم أيُّها الإنسُ والجنُّ، فنعاقِبُ أهلَ المعاصِي، ونُثِيبُ أهلَ الطاعةِ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ﴾. قال: وَعيدٌ من اللهِ للعبادِ، وليس باللهِ شغلٌ وهو فارغٌ (٣).

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ أنه تلا:


(١) هي قراءة حمزة والكسائي وخلف. المصدر السابق.
(٢) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "سأجد".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في الإتقان ٢/ ٤٦ - والبيهقي في الأسماء والصفات (١٠٢٧) من طريق أبي صالح به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٤٤ إلى ابن المنذر.