للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿شُوَاظٌ﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والكوفةِ والبصرةِ، غيرَ ابنِ أبي إسحاقَ: ﴿شُوَاظٌ﴾ بضمِّ الشينِ (١). وقرَأ ذلك ابنُ أبي إسحاقَ وعبدُ اللَّهِ بنُ كثيرٍ: (شِوَاظٌ) بكسرِ الشينِ (٢)، وهما لغتانِ مثلَ "الصِّوارِ" من البقرِ، و"الصُّوارِ"، بكسرِ الصادِ وضمِّها (٣). وأعجبُ القراءتين عندي ضمُّ الشينِ؛ لأنها اللغةُ المعروفةُ، وهى مع ذلك قراءةُ القرأةِ من أهلِ الأمصارِ.

وأما قولُه: ﴿وَنُحَاسٌ﴾ فإن أهلَ التأويلِ اختلَفوا في المعنيِّ به؛ فقال بعضُهم: عُنِي به الدخانُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عبيدٍ المحاربيُّ، قال: ثنا موسى بنُ عميرٍ، عن أبي صالحٍ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿وَنُحَاسٌ﴾. قال: النحاسُ الدخانُ

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَنُحَاسٌ﴾. يقولُ: دخانُ النارِ (٤).

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا ابنُ يمانٍ، عن أشعثَ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ في قولِه: ﴿وَنُحَاسٌ﴾. قال: دخانٌ (٥).

وقال آخرون: عُنِي بالنُّحاسِ في هذا الموضِع الصُّفْرُ.


(١) هي قراءة نافع وعاصم وأبي عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وأبي جعفر ويعقوب وخلف. ينظر النشر ٢/ ٢٨٥.
(٢) المصدر السابق، وينظر البحر المحيط ٨/ ١٩٥.
(٣) الصِّوار والصُّوار: القطيع من البقر. اللسان (ص و ر).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في الإتقان ٢/ ٤٦ - من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٤٤ إلى ابن المنذر.
(٥) ينظر تفسير ابن كثير ٧/ ٤٧٢.