للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَسْمَعُ للأَحْشاءِ مِنه لَغَطًا … ولليدَيْنِ جُسْأَةً وبَدَدَا

والجُسْأَةُ: غِلَظٌ في اليدِ، وهي لا تُسْمَعُ.

وقرَأ ذلك بعضُ قرأةِ المدينةِ ومكةَ والكوفةِ وبعضُ أهلِ البصرةِ بالرفعِ: ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾. على الابتداءِ (١)، وقالوا: الحورُ العينُ لا يُطافُ بهن فيجوزَ العطفُ بهن في الإعرابِ على إعرابِ فاكهةٍ ولحمٍ، ولكنه مرفوعٌ، بمعنى: وعندَهم حورٌ عينٌ، أو: لهم حورٌ عينٌ.

والصوابُ من القولِ في ذلك عندِي أن يُقالَ: إنهما قراءتان مَعْروفتان قد قرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما جماعةٌ من القرَأةِ، مع تقاربِ معنَيَيْهما، فبأيِّ القراءتَيْنِ قرَأ ذلك القارئُ فمصيبٌ.

والحورُ جماعةُ "حوراءَ"، وهي النقيةُ العينِ، الشديدةُ سوادِها. والعِينُ جماعةُ (٢) "عيناءَ"، وهي النجلاءُ العينِ في حُسْنٍ.

وقولُه: ﴿كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾. يقولُ: هنَّ في صفاءِ بياضِهن وحُسْنِهن كاللؤلؤِ المكنونِ الذي قد صِينَ في كِنٍّ.

وقولُه: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ثوابًا لهم من اللَّهِ بأعمالِهم التي كانوا يَعْمَلُونها في الدنيا، وعِوضًا من طاعتِهم إياه.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا أبو هشامٍ الرفاعيُّ، قال: ثنا ابنُ يمانٍ، عن ابنِ عُيينةَ، عن عمرٍو، عن


(١) وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وعاصم. حجة القراءات ص ٦٩٤، ٦٩٥.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "جمع".