للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه لأصحابِ الشمالِ: ثم إنكم أيُّها الضالون عن طريقِ الهدى، المكذِّبون بوعيدِ اللَّهِ ووَعْدِه، لآكلون من شجرٍ من زقومٍ.

وقولُه: ﴿فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ﴾. يقولُ: فمالئون من الشجرِ من (١) الزَّقومِ في بطونِهم.

واختلَف أهل العربيةِ في وجهِ تأنيثِ الشجرِ في قولِه: ﴿فَمَالِئُونَ مِنْهَا﴾؛ [قال بعضُ نحويِّي البصرةِ: قيل: ﴿فَمَالِئُونَ مِنْهَا] (٢) الْبُطُونَ﴾: أي: من الشجرِ، ﴿فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ﴾؛ لأن "الشجرَ" تُؤنَّثُ وتُذَكَّرُ، وأنَّث لأنه حمَله على الشجرةِ؛ لأن الشجرةَ قد تدُلُّ على الجميعِ، فتقولُ العربُ: نبَتتْ قِبلَنا شجرةٌ مُرَّةٌ وبَقْلةٌ رديئةٌ. وهم يَعْنون الجميعَ (٣). وقال بعضُ نحويِّي الكوفةِ (٤): ﴿لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ﴾: وفي قراءة عبدِ اللَّهِ: (لآكِلون مِن شَجَرةٍ مِن زَقُّومٍ) على واحدةٍ (٥)، [فمعنى "شَجَرٍ" و"شجرةٍ" واحدٌ؛ لأنك إذا قُلتَ: أَخَذتُ من الشاءِ. فإن نويتَ واحدةً] (٦) أو أكثرَ من ذلك، فهو جائزٌ. ثم قال: ﴿فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ﴾: يريدُ: من الشجرة؛ ولو قال: (فمالئون منه (٧)). إذا لم يُذَكِّرُ الشجرةَ كان صوابًا، يذهبُ إلى "الشجرِ" في "منه"، ويُؤَنِّتُ "الشجرَ"، فيكونُ ﴿مِنْهَا﴾ كنايةً عن الشجرِ، والشجرُ يُؤَنَّتُ ويُذَكَّرُ، مثلُ التمرِ يُؤَنَّثُ ويُذَكَّرُ.


(١) سقط من: ص، م.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) ينظر البحر المحيط ٨/ ٢١٠.
(٤) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ١٢٧.
(٥) وهي قراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف.
(٦) سقط من: الأصل.
(٧) بعده في الأصل: "البطون".