للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا التكذيبَ به (١).

وقولُه: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فهلَّا إذا بلَغَت النفوسُ عندَ خروجِها من أجسادِكم، أيُّها الناسُ، حَلاقِيمَكم.

﴿وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ﴾. يقولُ: ومَن حضَرهم منكم مِن أهليهم حينَئذٍ إليهم يَنْظُرُ، وخرَج الخطابُ ههنا عامًّا للجميعِ، والمرادُ به مَن حضَر الميتَ مِن أهلِه وغيرِهم، وذلك معروفٌ من كلامِ العربِ، وهو أن يُخاطِبَ الجماعةَ بالفعلِ، كأنهم أهلُه وأصحابُه، والمرادُ به بعضُهم؛ غائبًا كان أو شاهدًا، فيقولُ: قتَلْتُم فلانًا. والقاتلُ منهم واحدٌ؛ إما غائبٌ وإما شاهدٌ.

وقد بيَّنا نظائرَ ذلك في مواضعَ كثيرةٍ من كتابِنا هذا (٢).

يقولُ: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ﴾. يقولُ: ورسلُنا الذين يَقْبِضون رُوحَه أقربُ إليه منكم، ﴿وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ﴾. [يقولُ: ولكن لا تبصِرونهم] (٣).

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ من أهلِ البصرةِ يقولُ: قيل: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) [وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ﴾. كأنه قد سمِع منهم، واللَّهُ أعلمُ: إنا نَقْدِرُ على أن لا نموتَ ونمتنعَ (٤). فقال] (٥): ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾. ثم قال: ﴿فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ﴾. أي: غيرَ مَجْزِيِّين تَرْجِعون تلك النفوسَ، وأنتم تَرَوْن كيف تَخْرُجُ عندَ ذلك، إن كنتم صادقين بأنكم تَمْتَنِعون مِن الموتِ.


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٧٣ عن معمر به.
(٢) ينظر ما تقدم في ٢/ ٤٠٤، ٤٠٥.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) سقط من: م.
(٥) في الأصل: "بأنكم لمبعوثون على ألا يموت ويمنع فقال من الموت". هكذا مضطربة.