للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعانى التي وَصَفْتُ.

ويعنى بقولِه: ﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ﴾: وصدَّقْنا أيضًا وآمَنّا بما أُنزِل إلى إبراهيمَ وإلى إسماعيلَ وإسحاقَ ويعقوبَ والأسباطِ. وهم الأنبياءُ من ولدِ يعقوبَ.

وقولُه: ﴿وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى﴾ يعني: وآمَنّا أيضًا بالتوراةِ التي آتاها اللهُ موسى، وبالإنجيلِ الذي آتاه عيسى، والكتبِ التي آتى النبيِّين كلَّهم، وأَقْرَرْنا وصدَّقْنا أن ذلك كلَّه حقٌّ وهُدًى ونورٌ من عندِ اللهِ، وأن جميعَ مَن ذكَر اللهُ من أنبيائِه كانوا على حقٍّ وهُدًى يُصَدِّقُ بعضُهم بعضًا على مِنهاجٍ واحدٍ في الدعاءِ إلى توحيدِ اللهِ والعملِ بطاعتِه.

﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ﴾. يقولُ: لا نؤمنُ ببعضِ الأنبياءِ ونكفُرُ ببعضٍ، ونتبرَّأُ من بعضٍ ونَتَوَلَّى بعضًا، كما تبرَّأتِ اليهودُ من عيسى ومحمدٍ وأقرَّتْ بغيرِهما (١) من الأنبياءِ (٢)، وكما تَبَرَّأَتِ النصارَى من محمدٍ ، وأقرَّت بغيرِه من الأنبياءِ، بل نَشْهَدُ لجميعِهم أنهم كانوا رسلَ اللهِ وأنبياءَه، بُعِثوا بالحقِّ والهُدَى.

وأما قولُه: ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ فإنَّه يعني تعالى ذكرُه: ونحن لله خاضِعون بالطاعةِ، مُذْعِنون له بالعبودةِ. فذُكِر أن رسولَ اللهِ قال ذلك لليهودِ، فكَفروا بعيسى وبمن يُؤمِنُ به.

كما حدثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ بُكَيرٍ، قال: ثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ أبي محمدٍ مولى زيدِ بنِ ثابتٍ، قال: حدَّثنى سعيدُ بنُ جُبيرٍ، أو عكرمةُ، عن ابنِ عباسٍ، قال: أتَى رسولَ اللهِ نفرٌ من يهودَ فيهم أبو ياسرِ بنُ أَخْطَبَ، ورافعُ بنُ أبي رافعٍ، وعازَرُ وخالدٌ، وزيدٌ، وإزارُ بنُ أبي إزارٍ، وأَشْيَعُ، فسألوه عمن يُؤمِنُ به من الرسلِ، فقال: "أُومِن باللهِ وما أُنزِلَ إلينا، وما أُنزِلَ إلى


(١) في الأصل: "بغيره".
(٢) فوقها إحالة في الأصل، وفي الحاشية كلام غير مقروء.