للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين به وبمحمدٍ مِن أهلِ الكتابِ: يفعلُ بكم ربُّكم هذا لكي يعلمَ أهلُ الكتابِ أنهم لا يَقْدِرون على شيءٍ مِن فضلِ اللَّهِ الذي آتاكم وخصَّكم به؛ لأنهم كانوا يَرَوْن أَنَّ اللَّهَ قد فضَّلهم على جميعِ الخَلْقِ، فأَعْلَمهم اللَّهُ جلّ ثناؤُه أنَّه قد آتَى أمةَ محمدٍ مِن الفضلِ والكرامةِ، ما لم يُؤْتِهم، وأنَّ أهلَ الكتابِ حسَدوا المؤمنينَ لمّا نزَل قولُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ﴾. فقال اللَّهُ ﷿: فعَلْتُ ذلك ليعلمَ (١) أهلُ الكتابِ أنهم لا يَقْدِرون على شيءٍ مِن فضلِ اللَّهِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ﴾ الآية. قال: لما نزَلت هذه الآيةُ حسَد أهلُ الكتابِ المسلمينَ عليها، فأنزَل اللَّهُ ﷿: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ﴾ الآية. قال: ذُكِر لنا أنَّ نبيَّ اللَّهِ كان يقولُ: "إِنَّما مَثَلُنا ومَثَلُ أهلِ الكتابَيْن قَبْلَنا، كمَثَلِ رجلٍ اسْتَأْجَر أُجَرَاءَ يَعْمَلُون إلى اللَّيلِ على قِيراطٍ، فلمَّا انْتَصَف النَّهارُ سَئِمُوا عَمَلَه وملُّوا، فحاسَبهم، فأَعْطاهم [نصفَ قيراطٍ، ثم استأجَر أجراءَ يعمَلون إلى الليلِ على قيراطٍ، فعمِلوا إلى صلاةِ العصرِ، ثم سَئِموا وملُّوا عملَه، فحاسَبهم، فأعطاهم] (٢) على قَدْرِ ذلك، ثم اسْتَأْجَر أُجَراءَ إلى اللَّيلِ على قِيراطينِ يَعْمَلُون له بقيَّةَ عملِه، فقيل له: ما شأنُ هؤلاءِ أَقَلُّهم عملًا، وأَكْثَرُهم أَجْرًا؟ قال:


(١) في ت ١: "لئلا يعلم".
(٢) سقط من: م.