للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن لم يَسْتَطِعْ فإطعامُ ستِّين مِسْكينًا، وذلك كلُّه قبْلَ الجماعِ (١).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن أبي مَعْشرٍ المدنيِّ، عن محمدِ بنِ كعبٍ القُرَظيِّ، قال: كانت خَوْلةُ ابنَةُ ثعلبةَ تحتَ أَوْسِ بنِ الصامتِ، وكان رجلًا به لَمَمٌ (٢)، فقال في بعضِ هِجراتِه: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. ثم نَدِم على ما قال، فقال لها: ما أَظنُّكِ إلا قد حَرُمْتِ عليَّ. قالت: لا تَقُلْ ذلك، فواللَّهِ ما أحَبَّ اللَّهُ طلاقًا. قالت: ائتِ رسولَ اللَّهِ فسَلْه. فقال: إني أجدُني أَسْتحْيِي منه أن أسأَلَه عن هذا. فقالت: فَدَعْنِي أن أسأَلَه. فقال لها: سَلِيه. فجاءت إلى رسولِ اللَّهِ فقالت: يا نبيَّ اللَّهِ، إِنَّ أَوْسَ بنَ الصامتِ أبو ولدِي، وأَحبُّ الناسِ إليَّ، قد قال كلمةً والذي أنزَل عليك الكتابَ ما ذكَر طلاقًا، قال: أنتِ عليَّ كظَهْرِ أمِّي. فقال النبيُّ : "ما أُرَاكِ إلا قد حَرُمْتِ عليه". قالت: لا تَقُلْ ذلك يا نبيَّ اللَّهِ، واللَّهِ ما ذكَر طلاقًا. فرادَّتِ (٣) النبيَّ مِرارًا، ثم قالت: اللهمَّ إني أَشْكُو اليومَ شِدَّةَ حالي ووِحْدَتي، وما يَشُقُّ عليَّ مِن فِراقِه، اللهمَّ فأَنزِلْ على لسانِ نبيِّك. فلم تَرِمْ (٤) مكانَها حتى أنزَل اللَّهُ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ إلى أن ذكَر الكفاراتِ، فدعاه النبيُّ فقال: "أَعْتِقْ رَقَبَةً". فقال: لا أَجِدُ. فقال: "صُمْ شَهْرين متَتابِعَيْن". قال: لا أستَطِيعُ، إني لأصومُ اليومَ الواحدَ فيشُقُّ عليَّ. قال: "أَطْعِمْ سِتِّين مِسْكينًا". قال: أما هذا فنَعم (٥).

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن أبي إسحاقَ: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾. قال: نزَلت في امرأةٍ اسمُها خَوْلَةُ - وقال


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٨٠ إلى ابن مردويه.
(٢) اللمم: الجنون، أو طرف منه، يُلِمُّ بالإنسان ويعتريه. (ل م م).
(٣) رادَّه الكلامَ: راجعه إياه. الوسيط (ر د د).
(٤) رام المكان: بَرِحَه. الوسيط (ر ي م).
(٥) ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف ٣/ ٤٢٣، ٤٢٤ عن المصنف.