للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلَفتِ القرأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأَتْه عامةُ قرأَةِ المدينةِ سوى نافعٍ، وعامةُ قرأَةِ الكوفةِ خلا عاصمٍ: (يَظَّاهَرُونَ) بفتحِ الياءِ وتشديدِ الظاءِ وإثباتِ الألفِ (١)، وكذلك قرَءوا الأخرى، بمعنى "يَتظاهَرون"، ثم أُدْغِمَت التاءُ في الظاءِ فصارتا ظاءً مشدَّدةً. وذُكر أنها في قراءةِ أُبَيٍّ: (يَتَظاهَرُونَ) (٢)، وذلك تَصحيحٌ لهذه القراءةِ وتقويةٌ لها. وقرَأ ذلك نافعٌ وأبو عمرٍو كذَلك؛ بفتحِ الياءِ وتشديدِ الظاءِ، غيرَ أنهما قرَأاه بغيرِ أَلِفٍ: (يَظَّهَّرُون) (٣). وقرَأ ذلك عاصمٌ: ﴿يُظَاهِرُونَ﴾ بتخفيفِ الظاءِ وضمِّ الياءِ وإثباتِ الأَلِفِ (٤).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندي أنّ كلَّ هذه القراءاتِ متقارباتُ المعاني؛ وأمّا (يَظَّاهَرُون) فهو مِن تَظَاهَر، فهو يتَظاهَرُ، وأمّا (يَظَّهَّرُون) فهو مِن تَظَهَّر فهو يَتظهَّرُ، ثم أُدغِمَتِ التاء في الظاءِ فقيل: يَظَّهَرُ، وأمَّا ﴿يُظَاهِرُونَ﴾ فهو مِن ظاهَر يُظاهِرُ، فبأيَّةِ هذه القراءاتِ الثلاثِ قرَأ ذلك القارئُ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ما نساؤُهم اللَّائي تَظَاهَروا (٥) منهن بأُمهاتِهم، فيقولوا لهن: أنْتنّ علينا كظَهْرِ أمهاتِنا. بل هن لهم حلالٌ.

وقولُه: ﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ﴾، لا اللَّائي قالوا لهنّ ذلك.

وقولُه: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: وإن


(١) بها قرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي وخلف. النشر ٢/ ٢٨٧.
(٢) ينظر مختصر الشواذ ص ١٥٤.
(٣) في م: "يظاهرون". والمثبت قراءة يعقوب ونافع وأبي عمرو وابن كثير. النشر ٢/ ٢٨٧.
(٤) ينظر المصدر السابق ٢/ ٢٨٧.
(٥) في م: "يظاهرون".