للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حاضَتْ فأفطَرتْ تَقْضِي (١).

حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا هشيمٌ، عن مغيرةَ، عن إبراهيمَ، قال: إذا مَرِض فأفطَر اسْتأْنَف. يعني مَن كان عليه صومُ شَهْرين متتابعَيْن فمَرِض فأفطَر.

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا هشيمٌ، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ، قال: يَسْتأْنِفُ (٢).

وأولى القولينِ عندَنا بالصوابِ قولُ مَن قال: يَبْنِي المُفطِرُ بعذرٍ، ويستقبِلُ المُفطِرُ بغيرِ عذرٍ. لإجماعِ الجميعِ على أنَّ المرأةَ إذا حاضَتْ في صومِها الشهرين المتتابعَيْن بعذرٍ فمثلُه؛ لأنَّ إفطارَ الحائضِ بسببِ حيضِها بعذرٍ كان مِن قِبَلِ اللَّهِ. فكلُّ عُذرٍ كان من قبلِ اللَّهِ فمثلُه.

وقولُه: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فمن لم يَسْتطِعْ منهم الصيامَ فعليه إطعامُ سِتِّين مسكينًا. وقد بيَّنا وجْهَ الإطعامِ في الكفاراتِ فيما مضَى قبلُ، فأَغْنى ذلك عن إعادتِه (٣).

وقولُه: ﴿ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: هذا الذي فَرَضْتُ على مَن ظاهَر منكم ما فَرَضْتُ في حالِ القدرةِ على الرَّقَبَةِ، ثم خَفَّفْتُ عنه مع العجزِ بالصومِ، ومع فقدِ الاستطاعةِ على الصومِ بالإطعامِ، وإنما فعَلْتُه كي يُقِرَّ الناسُ بتوحيدِ اللَّهِ ورسالةِ الرسولِ محمدٍ ، ويُصدِّقوا بذلك ويَعْملوا به، ويَنْتهوا عن قولِ الزورِ والكذبِ، ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وهذه الحدودُ التي حدَّها اللَّهُ لكم، والفروضُ التي بيَّنها لكم، حدودُ اللَّهِ، فلا تَتَعدَّوْها أيُّها


(١) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (١١٥١١) من طريق مغيرة به بنحوه، وأخرجه ابن أبي شيبة (القسم المتمم من الجزء الرابع) ص ٣٤ من طريق حماد عن إبراهيم.
(٢) ذكره الطوسي في التبيان ٩/ ٥٤٢.
(٣) ينظر ما تقدم في ٨/ ٦٢٤ - ٦٣٨.