للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم﴾. قال: هم اليهودُ تولَّاهم المنافقون (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِ اللَّهِ ﷿: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ﴾. قال: هؤلاء كفرةُ أهلِ الكتابِ اليهودُ، والذين تولَّوهم المنافقون، تولَّوُا اليهودَ. وقرَأ قولَ اللَّهِ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ حتى بلَغ: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الحشر: ١١]، لئن كان ذلك لا يَفْعلون. وقال هؤلاءِ المنافقون قالوا: لا نَدَعُ حلفاءَنا وموالِيَنا، يكونون معنا (٢) لنصرتِنا وعزِّنا، ومَن يَدْفعُ عنا؟ نَخْشى أنْ تُصِيبَنا دائرةٌ. فقال اللَّهُ ﷿: ﴿فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ [المائدة: ٥٢] حتى بلغَ: ﴿فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ﴾ [الحشر: ١٣]، وقرَأ حتى بلَغ: (أَوْ مِنْ ورَاءِ جِدَارٍ (٣)) قال: لا يَبْرُزُون.

وقولُه: ﴿مَا هُمْ مِنْكُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ما هؤلاءِ الذين تولَّوا هؤلاءِ القومَ الذين غَضِب اللَّهُ عليهم - ﴿مِنْكُمْ﴾. يعني: مِن أهلِ دينِكم ومِلَّتِكم، ﴿وَلَا مِنْهُمْ﴾: ولا هم مِن اليهودِ الذين غَضِب اللَّهُ عليهم. وإنما وصَفهم بذلك جلَّ ثناؤُه؛ لأنهم منافقون؛ إذا لَقُوا اليهودَ قالوا: إنا معكم، إنما نحْن مستهزِئون. وإذا لَقُوا الذين آمنوا قالوا: آمَنَّا.

وقولُه: ﴿وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ويَحْلِفون على الكذبِ؛ وذلك قولُهم لرسولِ اللَّهِ : نَشْهَدُ إنَّك لرسولُ اللَّهِ. وهم كاذبون غيرُ مصدِّقين به، ولا مؤمنين به. كما قال جلّ ثناؤُه: ﴿وَاللَّهُ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٨٠ عن معمر به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٨٦ إلى عبد بن حميد.
(٢) في م: "معا".
(٣) في م: "جدر". وسيأتي ذكر الاختلاف في هذه القراءة في سورة الحشر.