للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتابِ، من مساكنِهم ومنازلِهم، ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ﴾ وإنما ظَنَّ القومُ - فيما ذُكِر - ذلك؛ أنَّ عبدَ اللَّهِ بنَ أُبَيٍّ وجماعةً مِن المنافقين بعَثوا إليهم (١) لمَّا حاصَرهم رسولُ اللَّهِ ، يَأْمرونهم بالثباتِ في حُصونِهم، ويَعِدُونهم النَّصْرَ.

كما حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، عن يزيدَ بنِ رُومانَ، أنَّ رهطًا مِن بني عوفِ بنِ الخَزْرَجِ؛ منهم عبدُ اللَّهِ بنُ أُبيٍّ ابنِ سَلُولَ، ووديعةُ، ومالكُ [بنُ أبي قَوْقَلٍ] (٢)، وسُويدٌ، وداعِسٌ، بعَثوا إلى بني النَّضيرِ؛ أن اثْبُتوا وتَمَنَّعوا، فإنا لن نُسْلِمَكم، وإن قُوتِلْتم قاتلْنا معكم، وإن أُخْرِجْتُم خَرَجْنا معكم. فَتَرَبَّصوا لذلك مِن نَصْرِهم، فلم يَفْعلوا، وكانوا قد تَحَصَّنوا في الحصونِ مِن رسولِ اللَّهِ حينَ نَزَل بهم (٣).

وقولُه: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾. [يقولُ تعالى ذكرُه: فأَتاهم أَمْرُ اللَّهِ مِن حيثُ لم يَحْتَسِبوا أنه يَأْتيهم، وذلك الأمرُ الذي أَتاهم مِن اللَّهِ مِن حيثُ لم يَحْتَسِبوا] (٤)، قَذف في قلوبِهم الرعبَ بنُزُولِ رسولِ اللَّهِ بهم في أصحابِه. يقولُ جلَّ ثناؤُه: ﴿وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾.

وقولُه: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ﴾. يعني جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ﴾ بني النَّضيرِ مِن اليهودِ، أنهم يُخْرِبون مساكِنَهم، وذلك أنهم كانوا يَنْظُرون إلى الخشبةِ - فيما ذُكِر - في منازلِهم مما يَسْتَحْسِنونه، أو العمودِ، أو


(١) في ت ٢، ت ٣: "إليه".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢: "ابنا نوفل"، وفي ت ٣: "أبناء نوفل". والمثبت من مصادر التخريج، ووديعة هو ابن ثابت أخو بني عمرو بن عوف. وينظر طبقات ابن سعد ٣/ ٥٤٨، والبداية والنهاية ٥/ ١٤.
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ١٩١، وذكره المصنف في تاريخه ٢/ ٥٥٤ من قول ابن إسحاق.
(٤) سقط من: ت ٢، ت ٣.