للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين لم يَلْقَوا في ذلك حربًا، ولا كُلِّفوا فيه مُؤْنةً، وإنما كان القومُ معهم وفي بلدِهم، فلم يكنْ فيه إيجافُ خَيْلٍ ولا رِكابٍ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾ الآية. يقولُ: ما قطَعْتم إليها واديًا، ولا سِرْتم إليها سيرًا، وإنما كان حوائطُ لبني النَّضيرِ طُعْمَةً أَطْعَمها اللَّهُ رسولَه. ذُكِر لنا أنَّ رسولَ اللَّهِ كان يقولُ: "أَيُّما قَرْيَةٍ أَعْطَتِ اللَّهَ ورسولَه فهي للَّهِ وَلِرَسولِه، وأيُّما قَرْيَةٍ فَتَحها المسلمون عَنْوةً فإنَّ للَّهِ خُمُسَه وَلِرَسولِه، وما بَقِي غنيمةٌ لِمن قاتل عليها" (١).

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزهريِّ في قولِه: ﴿فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾. قال: صالَح النبيُّ أهلَ فَدَكَ وقرىً قد سمَّاها لا أحْفَظُها، وهو محاصِرٌ قومًا آخرين، فأرسَلوا إليه بالصُّلْحِ. قال: ﴿فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ﴾. يقولُ: بغيرِ قتالٍ. قال الزهريُّ: فكانت بنو النَّضيرِ للنبيِّ خالصةً، لم يَفْتَتِحوها عَنْوةً، بل (٢) على صُلْحٍ، فقَسَمها النبيُّ بينَ المهاجرين، لم يُعْطِ الأنصارَ منها شيئًا، إلا رَجُلَيْن كانت بهما حاجةٌ (٣).


(١) أخرج المرفوع البيهقي ٩/ ١٣٩ من طريق قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة مرفوعًا.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) أخرجه أبو داود (٢٩٧١)، والبيهقي ٦/ ٢٩٦ من طريق ابن ثور به، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٨٣ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٩٢ إلى ابن المنذر.