للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِإِخْوَانِنَا﴾، حتى بلَغ: ﴿إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ إنما أُمروا أن يَسْتَغْفِرُوا لأصحابِ النبيِّ ولم يُؤْمَروا بسَبِّهم. وذُكِر لنا أنَّ غلامًا لحاطبِ بن أبي بَلْتعةَ جاء نبيَّ اللَّهِ فقال: يا نبيَّ اللَّهِ، لَيَدْخُلَنَّ حاطبٌ في حيِّ النارِ. قال: "كَذَبْتَ، إنه شَهِد بدرًا والحُدَيْبيةَ". وذُكِر لنا أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ أَغْلَظ لرجلٍ مِن أهلِ بدرٍ، فقال نبيُّ اللَّهِ : "وما يُدْريك يا عمرُ؟ لَعَلَّه قد شَهِد مَشْهدًا اطَّلَع اللَّهُ فيه إلى أهلِه، فأَشْهَدَ ملائِكتَه: إنِّي قد رَضِيتُ عن عبادِي هؤلاءِ، فَلْيَعْمَلُوا ما شاءُوا". فما زال بعدَها (١) مُنْقَبِضًا من أهلِ بدرٍ، هائبًا لهم. وكان عمرُ يقولُ: وإلى أهلِ بدرٍ تَهالك المُتَهالِكون. وهذا الحيُّ مِن الأنصارِ، أحسَن اللَّهُ عليهم الثناءَ (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾. قال: لا تُورِثْ قلوبَنا غِلًّا لأحدٍ مِن أهلِ دينِك.

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن قيسِ بنِ مسلمٍ، عن ابنِ أبي ليلى، قال: كان الناسُ على ثلاثِ منازِلَ؛ المهاجرون الأوَّلون، والذين اتَّبَعُوهم بإحسانٍ، ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾، وأحسَنُ ما يكونُ أنْ نكونَ (٣) بهذه المَنْزِلَةِ (٤).


(١) في م: "بعضنا".
(٢) حديث حاطب أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢٠٤١٨) عن معمر، عن قتادة، عمن سمع الحسن، وابن أبي شيبة ١٢/ ١٥٥، وأحمد ٢٣/ ٨٩ (١٤٧٧١)، ومسلم (٢١٩٥)، والترمذي (٣٨٦٤)، والنسائي في الكبرى (٨٢٩٦)، وابن أبي عاصم في السنة (٢٣٦)، وابن حبان (٤٧٩٩)، والبيهقي في الدلائل ٣/ ١٥٣ من حديث جابر بن عبد الله.
(٣) في م، ت ٢، ت ٣: "يكون"، وفي ص غير منقوطة.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٦٨ من طريق عبد الرحمن به.