للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: عُنِي بذلك مشركو قريشٍ ببدرٍ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾. قال: كفارِ قريشٍ (١).

وأولى الأقوال بالصوابِ أنْ يقالَ: إنَّ اللَّهَ ﷿ مَثَّل (٢) هؤلاءِ الكفارَ مِن أهلِ الكتابِ - مما (٣) هو مُذِيقُهم مِن نَكالِه - بالذين مِن قَبلِهم، مِن مُكذِّبي رسولِه ، الذين أهلَكهم بسَخَطِه، وأمْرُ بني قَيْنُقاعٍ ووقْعَةُ بدرٍ كانا قبلَ جلاءِ بني النَّضيرِ، وكلُّ أولئك قد ذاقوا وبالَ أمرِهم، ولم يَخْصُصِ اللَّهُ ﷿ منهم بعضًا في تمثيلِ هؤلاءِ بهم دونَ بعضٍ، وكلٌّ ذائقٌ وبالَ أَمرِه، فمن قَرُبَت مدَّتُه منهم قَبلَهم فهُم ممثَّلون بهم فيما عُنُوا به مِن المثَلِ.

وقولُه: ﴿ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ﴾. يقولُ: نالهم عقابُ اللَّهِ على كفرِهم به.

وقولُه: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. يقولُ: ولهم في الآخرةِ مع ما نالهم في الدنيا مِن الخزِي، ﴿عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. يعني: مُوجِعٌ.

وقولُه: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: مثَلُ هؤلاءِ المنافقين الذين


(١) تفسير مجاهد ص ٦٥٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٩٩ إلى ابن المنذر.
(٢) بعده في ت ٢، ت ٣: "مثل".
(٣) في ت ٢، ت ٣: "بما".