وذُكر أنَّ هذه الآياتِ مِن أوَّلِ هذه السورةِ نزَلت في شأنِ حاطبِ بنِ أبي بلتعةَ، وكان كتَب إلى قريشٍ بمكةَ يُطْلِعُهم على أمرٍ كان رسولُ اللَّهِ ﷺ قد أَخْفاه عنهم، وبذلك جاءت الآثارُ والروايةُ عن جماعةٍ مِن أصحابِ رسولِ اللَّه ﷺ وغيرِهم.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني عبيدُ بنُ إسماعيلَ الهباريُّ والفضلُ بنُ الصباحِ، قالا: ثنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عن عمرِو بنِ دينارٍ، عن حسنِ بنِ محمدِ بنِ عليٍّ، أخبَرني عبيدُ اللَّهِ بنُ أبي رافعٍ، قال: سمعتُ عليًّا ﵁ يقولُ: بعثني رسولُ اللَّهِ ﷺ أنا والزُّبيرَ بنَ العوَّامِ والمِقْدادَ - قال الفضلُ: قال سفيانُ: نفرٌ من المهاجرين - فقال:"انْطلِقوا حتى تأْتوا روضةَ خاخٍ، فإن بها ظَعينةً معها كتابٌ، فخذوه منها". فانْطلَقْنا تَتَعادى بنا خيْلُنا، حتى انتهَيْنا إلى الروضةِ، فوجَدْنا امرأةً، فقلنا: أَخْرِجِي الكتابَ. قالت: ليس معي كتابٌ. قلنا: لتُخْرِجنَّ الكتابَ، أو لنُلْقِيَّن الثيابَ. فَأَخْرَجَتْه مِن عِقاصِها، وأخَذْنا الكتابَ، فانطلقنا به إلى رسولِ اللَّهِ ﷺ، فإذا فيه: مِن حاطبِ بنِ أبي بلتعةَ إلى ناسٍ بمكةَ يخبرُهم ببعضِ أمرِ رسولِ اللَّهِ ﷺ، فقال رسولُ اللَّهِ ﷺ:"يا حاطِبُ، ما هذا؟ ". قال: يا رسولَ اللَّهِ، لا تَعْجَلْ عليَّ، كنتُ امرأً مُلْصَقًا في قريشٍ، ولم يكنْ لي فيهم قرابةٌ، وكان مَن معك مِن المهاجرين لهم قراباتٌ يَحْمون أهليهم بمكةَ، فأحْبَبْتُ إذ فاتني ذلك مِن النسبِ، أنْ أتَّخِذَ فيها يدًا يَحْمون بها قرابتي، وما فعَلتُ ذلك كفرًا ولا ارْتِدادًا عن ديني، ولا رضًا بالكفرِ بعدَ الإسلامِ. فقال رسولُ اللَّهِ ﷺ:"قد صَدَقَكم". فقال عمرُ: يا رسولَ اللَّهِ، دعني أضْرِبْ عنقَ هذا المنافقِ. فقال: "إنَّه قد شَهِد بدرًا، وما يُدْريك لعلَّ اللَّهَ