للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعبادتِكم ما سِواه، ولا صُلْحَ بينَنا ولا مودَّةَ (١)، ﴿حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ﴾. يقولُ: حتى (٢) تُصَدِّقوا باللَّهِ وحدَه، فتوحِّدوه وتُفْرِدوه بالعبادةِ.

وقولُه: ﴿إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قد كانت لكم أُسوةٌ حسنةٌ في إبراهيمَ والذين معه في هذه الأمورِ التي ذكَرْناها؛ من مباينةِ الكفارِ ومعاداتِهم، وتركِ موالاتِهم، إلا في قولِ إبراهيمَ لأبيه: ﴿لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ﴾. فإنه لا أُسوةَ لكم فيه في ذلك؛ لأن ذلك كان من إبراهيمَ لأبيه عن موعدةٍ وعدَها إيَّاه، قبلَ أن يَتَبَيَّنَ له أنه عدوٌّ للَّهِ، فلما تَبَيَّن له أنه عدوٌّ للَّهِ تبرَّأ منه. يقولُ تعالى ذكرُه: فكذلك أنتم أيُّها المؤمنون باللَّهِ، فتبرَّءوا من أعداءِ اللَّهِ من المشرِكين به، ولا تتَّخِذوا منهم أولياءَ حتى يُؤْمِنوا باللَّهِ وحدَه، ويتَبرَّءوا من عبادةِ ما سِواه، وأَظْهِروا لهم العداوةَ والبغضاءَ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ﴾. قال: نُهُوا أن يتأَسَّوا باستغفارِ إبراهيمَ لأبيه، فيستَغْفِروا للمشرِكين (٣).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن أبي جعفرٍ، عن مطرِّفٍ


(١) في م: "هوادة".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) تفسير مجاهد ص ٦٥٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٠٥ إلى عبد بن حميد.