للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: كانت المرأةُ من المشرِكين إذا غضِبت على زوجِها وكان بينَه وبينَها كلامٌ قالت: واللَّهِ لأُهَاجِرَنَّ إلى محمدٍ وأصحابِه. فقال اللَّهُ ﷿: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾: أن كان الغضبُ أتَى بها فرُدُّوها، وإن كان الإسلامُ أتَى بها فلا تردُّوها (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: ثنى عمرُو بنُ الحارثِ، عن بكيرِ بنِ الأشجِّ، قال: كان امتحانُهنَّ: إنه لم يُخْرِجْكِ إلا الدينُ.

وقولُه: ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ﴾. يقولُ: اللَّهُ أعلمُ بإيمانِ مَن جاء من النساءِ مهاجراتٍ إليكم.

وقولُه: ﴿فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾. يقولُ: فإن أقْرَرنَ عندَ المحنةِ بما يَصِحُّ به عقدُ الإيمانِ لهنَّ والدخولُ في الإسلامِ، فلا تردُّوهنَّ عندَ ذلك إلى الكفارِ. وإنما قيل ذلك للمؤمنين؛ لأن العهدَ كان جرَى بينَ رسولِ اللَّهِ وبينَ مُشْرِكي قريشٍ في صلحِ الحديبيةِ أن يرُدَّ المسلمون إلى المشرِكين مَن جاءهم مسلمًا، فأُبطِل ذلك الشرطُ في النساءِ إِذا جِئْنَ مؤمناتٍ مهاجراتٍ فامتُحِنَّ، فوجَدَهن المسلمون مؤمناتٍ، وصحَّ ذلك عندَهم بما قد ذكَرْنا قبلُ، وأُمِروا ألا يَرُدُّوهنَّ إلى المشرِكين إذا عُلِم أنهن مؤمناتٌ، وقال جلَّ ثناؤُه لهم: ﴿فَإِنْ (٣) عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾. يقولُ: لا المؤمناتُ حلٌّ للكفارِ، ولا الكفارُ يَحِلُّون للمؤمناتِ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك جاءت الآثارُ.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٠٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قوله.
(٢) عزاه الحافظ في الفتح ٨/ ٦٣٧ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢: "فإذا".