على المشرِكين مثلَ ذلك إذا جاءتهم امرأةٌ من المسلمين، أن يرُدُّوا الصداقَ إلى أزواجِهن، فقال: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ (١).
حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ﴾: كان نبيُّ اللَّهِ ﷺ عاهَد من المشرِكين ومِن أهلِ الكتابِ، فعاهَدهم وعاهَدوه، وكان في الشرطِ أن يَرُدُّوا الأموالَ والنساءَ، فكان نبيُّ اللَّهِ إذا فاته أحدٌ من أزواجِ المؤمنين، فلحِق بالمعاهِدَةِ تاركًا لدينِه مختارًا للشركِ، ردَّ على زوجِها ما أنفَق عليها، وإذا لحِق بنبيِّ اللَّهِ ﷺ أحدٌ من أزواجِ المشرِكين، امتحنَها نبيُّ اللَّهِ ﷺ، فسأَلها:"ما أخرَجَكِ من قومِك؟ ". فإن وجَدها خرَجت تريدُ الإسلامَ قبِلها رسولُ اللَّهِ ﷺ، وردَّ على زوجِها ما أنفَق عليها، وإن وجَدها فرَّت من زوجِها إلى آخرَ بينَها وبينَه قرابةٌ، وهي مُتَمَسِّكَةٌ بالشركِ، ردَّها رسولُ اللَّهِ ﷺ إلى زوجِها من المشرِكين.
حدَّثني يونسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ الآية كلّها. قال: لما هادن رسولُ اللَّهِ ﷺ المشرِكين كان في الشرطِ الذي شُرِط أن تَرُدَّ إلينا مَن أتاك منا، ونرُدَّ إليك مَن أتانا منكم، فقال النبيُّ ﷺ:"مَن أتانا منكم فنرُدُّه إليكم، ومن أتاكم منا فاختار الكفرَ على الإيمانِ فلا حاجةَ لنا فيهم". قال: فأبَى اللَّهُ ذلك للنبيِّ ﷺ في النساءِ، ولم يَأْبَه للرجالِ، فقال اللَّهُ ﷿: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ إلى قولِه: ﴿وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا﴾: أزواجَهن.
(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٨٨ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٠٨ إلى عبد بن حميد وأبي داود في ناسخه وابن المنذر.