للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، قال: سألْنا الزهريَّ عن هذه الآيةِ وقولِ اللَّهِ فيها: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ الآية. قال: يقولُ: إن فات أحدًا منكم أهلُه إلى الكفارِ، ولم تأْتِكم امرأةٌ تأخُذون لها مثلَ الذي يأخُذون منكم، فعوِّضوه مِن فَيْءٍ إِن أصبْتموه (١).

وقال آخرون في ذلك ما حدَّثني به يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ﴾. قال: خرَجت امرأةٌ مِن أهلِ الإسلامِ إلى المشركين ولم يَخْرُجْ غيرُها. قال: فأَتت امرأةٌ مِن المشركين، فقال القومُ: هذه عُقْبتُكم قد أتَتْكم. فقال اللَّهُ: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ﴾: أمسَكْتم الذي جاءكم منهم مِن أجلِ الذي لكم عندَهم، ﴿فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا﴾. ثم أخبَرهم اللَّهُ أنه لا جناحَ عليهم إذا فعَلوا الذي فعَلوا، أن يَنكِحوهنَّ إذا استُبْرِئ رحمُها. قال: فدعا رسولُ اللَّهِ ذهَبت امرأتُه إلى الكفارِ، فقال لهذه التي أتت من عندِ المشركين: "هذا زوج التي ذهَبتْ أُزوِّجُكِه؟ ". فقالت: يا رسولَ اللَّهِ، عذَر اللَّهُ زوجةَ هذا أن تَفِرَّ منه، لا واللَّهِ مالي به حاجةٌ. فدعا البَخْتَريَّ، رجلًا جسيمًا، قال: "هذا؟ " قالت: نعم. وهي ممن جاء مِن مكةَ.

وأولى الأقوالِ في ذلك عندي بالصوابِ أن يقالَ: أمَر اللَّهُ ﷿ في هذه الآيةِ المؤمنين أن يُعْطوا مَن فرَّت زوجتُه مِن المؤمنين إلى أهلِ الكفرِ إذا هم كانت لهم على أهل الكفرِ عُقْبى؛ إما بغنيمةٍ يُصِيبونها منهم، أو بلحاقِ نساءِ بعضِهم بهم - مثلَ الذي أنفقوا على الفارَّةِ منهم إليهم، ولم يَخْصُصْ إيتاءَهم ذلك مِن مالٍ دونَ مالٍ، فعليهم أن يُعْطوهم ذلك مِن كلِّ الأموالِ التي ذكَرناها.


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٣٢٧.