للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآخرةِ، فكما يئِس أولئك (١) الكفارُ، كذلك يئِس هؤلاء الكفارُ. قال: والقومُ الذين غضِب اللَّهُ عليهم، يهودُ، هم الذين يئِسوا من أن تكونَ لهم آخرةٌ، كما يئِس الكفارُ قبلَهم من أصحابِ القبورِ؛ لأنهم قد علِموا كتابَ اللَّهِ، وأقاموا على الكفرِ به. وما صنَعوا وقد علِموا (٢)؟

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن منصورٍ في قولِه: ﴿قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ﴾ الآية. قال: قد يئِسوا أن يكونَ لهم ثوابُ الآخرةِ، كما يئِس مَن في القبورِ مِن الكفارِ مِن الخيرِ، حينَ عايَنوا العذابَ والهَوانَ (٢).

وأولى القولين في ذلك عندي بالصوابِ قولُ مَن قال: قد يئِس هؤلاء الذين غضِب اللَّهُ عليهم مِن اليهودِ، من ثوابِ اللَّهِ لهم في الآخرةِ وكرامتِه؛ لكفرِهم وتكذيبِهم رسولَه محمدًا ، على علمٍ منهم بأنه للَّهِ نبيٌّ، كما يئِس الكفارُ منهم الذين مضَوْا قبلَهم فهلَكوا، فصاروا أصحابَ القبورِ، وهم على مثلِ الذي هؤلاء عليه، من تكذيبِهم عيسى صلواتُ اللَّهِ عليه، وغيرَه مِن الرسلِ - من ثوابِ اللَّهِ وكرامتِه إياهم.

وإنما قُلنا: ذلك أولى القولين بتأويلِ الآيةِ؛ لأن الأمواتَ قد يئِسوا مِن رجوعِهم إلى الدنيا، أو أن يُبْعَثوا قبلَ قيامِ الساعةِ، المؤمنون والكفارُ، فلا وجهَ لأن يُخَصَّ بذلك الخبرُ عن الكفارِ، وقد شَرِكهم في الإياسِ من ذلك المؤمنون.

آخرُ تفسيرِ سورةِ الممتحنةِ


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ١٢٩.