للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندي قولُ مَن قال: عُنِي بالفاحشةِ في هذا الموضعِ المعصيةُ. وذلك أنَّ الفاحشةَ هي كلُّ أمرٍ قبيحٍ تُعُدِّي (١) فيه حدُّه، فالزنى مِن ذلك، والسَّرَقُ والبَذَاءُ على الأحماءِ وخروجُها مُتَحوِّلةً عن منزلِها الذي يَلْزَمُها أنْ تعتدَّ فيه، منه، فأيَّ ذلك فعَلتْ وهي في عِدَّتِها، فلزوجِها إخراجُها مِن بيتِها، ذلك لإتيانِها بالفاحشةِ التي ركِبتْها.

وقولُه: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وهذه الأمورُ التي بيَّنْتُها لكم مِن الطلاقِ للعِدَّةِ، وإحصاءِ العِدَّةِ، والأمرِ باتقاءِ اللَّهِ، وأنْ لا تُخْرَجَ المطلَّقةُ مِن بيتِها إلا أن تأتيَ بفاحشةٍ مبينةٍ - حدودُ اللَّهِ التي حدَّها لكم أيُّها الناسُ، فلا تَعْتَدُوها، ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾. [يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن يتجاوزْ حدودَ اللَّهِ التي حدَّها لخلْقِه، ﴿فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾] (٢). يقولُ: فقد أَكْسَب (٣) نفسَه وِزْرًا، فصار بذلك لها ظالمًا، وعليها متعدِّيًا.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ محمدٍ المحاربيُّ، عن جويبرٍ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾. يقولُ: تلك طاعةُ اللَّهِ، فلا تَعْتَدُوها. قال: يقولُ: مَن كان على غيرِ هدًى (٤) فقد ظلَم نفسَه (٥).


(١) بعده في الأصل: "به".
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في الأصل: "اكتسب".
(٤) في الأصل: "هذا"، وفي م: "هذه".
(٥) تقدم نحوه في ٤/ ١٦٥.