وقال آخرون: بل كان ذلك شرابًا يشربُه، وكان يُعجِبُه ذلك.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابنُ المثنى، قال: ثنا أبو داودَ، قال: ثنا شعبةُ، عن قيسِ بنِ مسلمٍ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ شدَّادِ بنِ الهادِ، قال: نزَلت هذه الآيةُ في شرابٍ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ﴾.
حدَّثنا ابنُ المثنى، قال: ثنا أبو قَطَنٍ البغداديُّ عمرُو بنُ الهيثمِ، قال: ثنا شعبةُ، عن قيسِ بنِ مسلمٍ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ شدَّادٍ مثلَه.
حدَّثنا ابنُ المثنى، قال: ثنا أبو قَطَنٍ، قال: ثنا يزيدُ بنُ إبراهيمَ، عن ابنِ أبي مُلَيْكةَ، قال: نزَلت في شرابٍ.
والصوابُ من القولِ في ذلك أن يُقالَ: كان الذي حرَّمه رسولُ اللَّهِ ﷺ على نفسِه شيئًا كان اللَّهُ قد أحلَّه له. فجائزٌ أن يكونَ ذلك كان جاريتَه، وجائزٌ أن يكونَ كان شرابًا من الأشربةِ، وجائزٌ أن يكونَ غيرَ ذلك، غيرَ أنه أيَّ ذلك كان، فإنه تحريمُ شيءٍ كان له حلالًا، فعاتَبه اللَّهُ تعالى ذكرُه على تحريمِه على نفسِه ما كان قد أحلَّه، وبيَّن تَحِلَّةَ يمينِه، في يمينٍ كان حلَف بها مع تحريمِه ما حرَّم على نفسِه.
فإن قال قائلٌ: وما برهانُك على أنه ﷺ كان حلَف مع تحريمِه ما حرَّم، فقد علِمتَ قولَ مَن قال: لم يكنْ من النبيِّ ﷺ في ذلك غيرُ التحريمِ، وأن التحريمَ هو اليمينُ؟ قيل: إن البرهانَ على ذلك واضحٌ، وهو أنه لا يُعقلُ في لغةٍ عربيةٍ ولا أعجميةٍ، أن قولَ القائلِ لجاريتِه أو طعامٍ أو شرابٍ: هذا عليَّ حرامٌ. يمينٌ، فإذا كان ذلك غيرَ معقولٍ، فمعلومٌ أن اليمينَ غيرُ قولِ القائلِ للشيءِ الحلالِ له: هو عليَّ حرامٌ. وإذا كان ذلك كذلك صحَّ ما قلنا، وفسَد ما خالَفه.