للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلَغني عن بعضِ أمهاتِنا، أمهاتِ المؤمنين، شدَّةٌ على رسولِ اللَّهِ ، وأذاهُنَّ إِيَّاه، فاستَقْريْتُهنَّ امرأةً امرأةً، أعظُها وأنهاها عن أذى رسولِ اللَّهِ ، وأقولُ: إن أبَيْتُنَّ أبدَله اللَّهُ خيرًا منكنَّ. حتى أتيتُ - حسِبتُ أنه قال: على زينبَ - فقالت: يا بنَ الخطابِ، أما في رسولِ اللَّهِ ما يعِظُ نساءَه حتى تَعِظَهنَّ أنت؟ فأمسَكْتُ، فأنزَل اللَّهُ ﷿ هذه الآيةَ: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ﴾.

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا ابنُ أبي عديٍّ، عن حميدٍ، عن أنسٍ، قال: قال عمرُ بنُ الخطابِ: بلَغني عن أمهاتِ المؤمنين شيءٌ، فاستَقْريْتُهنَّ أقولُ: لَتَكُفُّنَّ عن رسولِ اللَّهِ أو ليُبْدِلَنَّه اللَّهُ أزواجًا خيرًا منكنَّ، حتى أتيتُ على إحدى أمهاتِ المؤمنين، فقالت: يا عمرُ، أما في رسولِ اللَّهِ ما يَعِظُ نساءَه حتى تعِظَهنَّ أنت؟ فكفَفْتُ، فأنزَل اللَّهُ تعالى ذكرُه هذه الآيةَ: ﴿عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ﴾ الآية (١).

واختلفتِ القرأةِ في قراءةِ قولِه: ﴿أَنْ يُبْدِلَهُ﴾؛ فقرَأ ذلك بعضُ قرأةِ مكةَ والمدينةِ والبصرةِ بتشديدِ الدالِ: (يُبَدِّلَه أزواجًا) مِن "التبديل" (٢). وقرَأته عامةُ قرأةِ الكوفةِ: ﴿يُبْدِلَهُ﴾ بتخفيفِ الدالِ من "الإبدالِ" (٣).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿مُسْلِمَاتٍ﴾. يعني: خاضِعاتٍ للَّهِ بالطاعةِ، ﴿مُؤْمِنَاتٍ﴾. يعني:


(١) أخرجه ابن أبي حاتم - كما في تفسير ابن كثير ٨/ ١٩٢ - من طريق حميد به.
(٢) قرأ بها نافع وأبو عمرو وأبو جعفر. ينظر النشر ٢/ ٢٣٦.
(٣) قرأ بها ابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف. ينظر المصدر السابق.