للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾. قال: لو تَرْكَنُ إلى آلهتِهم وتَتْرُكُ ما أنت عليه مِن الحقِّ فيُمالِئونك (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾. يقولُ: وَدُّوا يا محمدُ لو أدْهَنْتَ عن هذا الأمرِ فأدْهَنوا معك.

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾. قال: ودُّوا لو يُدْهِنُ رسولُ اللَّهِ فيُدْهِنون (٢).

وأولى القولين في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: معنى ذلك: ودَّ هؤلاء المشركون يا محمدُ لو تَلِينُ لهم في دينِك بإجابتِك إياهم إلى الركونِ إلى آلهتِهم، فيَلِينون لك في عبادتِك إلهَك، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (٧٤) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ﴾ [الإسراء: ٧٤، ٧٥]. وإنما هو مأخوذٌ مِن الدُّهنِ، شبَّه التليينَ في القولِ بتليينِ الدُّهْنِ.

وقولُه: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ﴾. يقولُ: ولا تُطِعْ يا محمدُ كلَّ ذي إكثارٍ للحلفِ بالباطلِ، ﴿مَهِينٍ﴾ وهو الضعيفُ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ، غيرَ أن بعضَهم وجَّه معنى المهينِ


= الفتح ٨/ ٦٦٢ - من طريق علي بن أبي طلحة به.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٥١ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٠٨ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٥١ إلى عبد بن حميد