للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني موسى بنُ عبدِ الرحمنِ المسروقىُّ، قال: ثنا جعفرُ بنُ عونٍ، قال: ثنا هشامُ بنُ سعدٍ، قال: ثنا زيدُ بنُ أسلمَ، عن عطاءِ بنِ يسارٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: قال رسولُ اللهِ : "إذا كان يومُ القيامةِ نادَى منادٍ: ألَا لتلحَقْ كلُّ أمةٍ بما كانت تَعْبُدُ. فلا يَبْقَى أحدٌ كان يَعْبُدُ صنمًا ولا وثنًا ولا صورةً إلا ذهَبوا حتى يَتَسَاقَطوا في النارِ، ويَبْقَى مَن كان يَعْبُدُ اللهَ وحدَه من برٍّ وفاجرٍ وغُبَّراتِ (١) أهلِ الكتابِ، ثم تُعْرَضُ جهنمُ كأنها سرابٌ يَحْطِمُ بعضُها بعضًا، ثم تُدْعَى اليهودُ، فيُقالُ لهم: ما كُنتم تَعْبُدُون؟ فيَقُولُون: عُزَيرًا ابنَ اللهِ. فيقولُ: كَذَبْتم، ما اتَخَذ اللهُ من صاحبةٍ ولا ولدٍ، فماذا تُريدون؟ فيقولون: أى ربَّنا، ظمِئنا. فيقولُ: أفلا تِردون؟ فيَذْهَبون حتى يَتَساقطوا فى النارِ. ثم يُدْعَى النصارَى، فيقالُ: ماذا كنتم تعبدون؟ فيقولون: المسيحَ ابنَ اللهِ. فيقولُ: كذَبتم، ما اتخذَ اللهُ من صاحبةٍ ولا ولدٍ، فماذا تُرِيدون؟ فيقولون: أى ربَّنا، ظمِئنا اسقِنا. فيقولُ: أفلا تَرِدون؟ فيَذْهَبون فيَتَساقطون فى النارِ. فيَبْقَى مَن كان يَعْبُدُ اللهَ من برٍّ وفاجرٍ. قال: ثم يَتَبَدَّى اللهُ لنا فى صورةٍ غيرِ صورتِه التي رأَيْنَاه فيها أولَ مرةٍ، فيقولُ: أيُّها الناسُ، لحِقت كلُّ أمةٍ بما كانت تَعْبُدُ وبَقِيتم أنتم. فلا يُكَلِّمُه يومَئِذٍ إلا الأنبياءُ، فيقولون: فارَقْنا الناسَ في الدنيا، ونحن كنا إلى صحبتهم فيها أحوجَ، لحِقت كلُّ أمةٍ بما كانت تعبُدُ، ونحن نَنْتَظِرُ ربَّنا الذى كنا نَعْبُدُ. فيقولُ: أنا ربُّكم. فيقولون: نعوذُ باللهِ منك. فيقولُ: هل بينَكم وبينَ اللهِ آيةٌ تَعْرِفونها (٢)؟ فَيَقُولون: نَعَمْ. فَيُكْشَفُ عن ساقٍ، فيَخِرُّون سُجَّدًا أجمعون، ولا يَبْقَى أحدٌ كان سجَد في الدنيا سُمْعةً ولا رياءً ولا نفاقًا، إلا صار ظهرُه طبقًا واحدًا، كلما أراد أن يَسْجُدَ خَرَّ على قفاه. قال:


(١) غبرات: جمع غُبَّر، والغبر: جمع غابر، والغابر: الباقي. النهاية ٣/ ٣٣٨.
(٢) فى م: "تعرفونه بها"، وفى ت ٣: "تعرفوها".