للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾: بعَث اللهُ عليهم صيحةً فأَهْمَدتْهم.

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿بِالطَّاغِيَةِ﴾. قال: أَرْسَل اللهُ عليهم صيحةً واحدةً فأَهْمَدتْهم (١).

وأولى القولين فى ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: معنى ذلك: فأُهْلِكوا بالصيحةِ الطاغيةِ.

وإنما قلنا: ذلك أولى بالصوابِ؛ لأنَّ اللهَ إنما أخبَر عن ثمودَ بالمعنى الذى أهلَكها به، كما أخبَر عن عادٍ بالذى أهلَكها به، فقال: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾. ولو كان الخبَرُ عن ثمودَ بالسببِ الذى أهْلَكها مِن أجلِه، كان الخبرُ أيضًا عن عادٍ كذلك؛ إذ كان ذلك فى سياقٍ واحدٍ، وفى إتباعِه ذلك بخبرِه عن عادٍ بأنَّ هلاكَها كان بالريحِ - الدليلُ الواضحُ على أنَّ إخبارَه عن ثمودَ إنما هو ما بيَّنتُ.

وقولُه: ﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وأما عادٌ قومُ هودٍ فأهلَكهم اللهُ بريحٍ صَرْصَرٍ، وهى الشديدةُ العُصُوفِ مع شدَّةِ بَرْدِها، ﴿عَاتِيَةٍ﴾. يقولُ: عتَتْ على خُزَّانِها فى الهُبوبِ، فتجاوَزَتْ فى الشدَّةِ والعُصُوفِ مقدارَها المعروفَ فى الهبوبِ والبردِ.

وبنحوِ الذى قلنا فى ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) أخرجه عبد الرزاق فى تفسيره (٢/ ٣١٢) عن معمر به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٦/ ٢٥٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.