للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ فى قولِه: ﴿وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾. قال: حسَمتهم لم تُبْقِ منهم أحدًا. قال: ذلك الحُسُومُ، مثلُ الذى يقولُ: احْسِمْ هذا الأَمر. قال: وكان فيهم ثمانيةٌ لهم خَلْقٌ يذهبُ بهم فى كلِّ مذهبٍ. قال: قال موسى بنُ عقبةَ: فلما جاءهم العذابُ قالوا: قوموا بنا نرُدَّ هذا العذابَ عن قومِنا. قال: فقاموا وصَفُّوا فى الوادى، فَأَوْحَى اللهُ إلى مَلَكِ الريحِ أنْ يَقْلَعَ منهم كلَّ يومٍ واحدًا. وقرَأ قولَ اللهِ: ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا﴾. حتى بلَغ ﴿نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾. قال: فإن كانت الريحُ لتمُرُّ بالظَّعينةِ فتَسْتَدْبرُها وحمولتَها، ثم تذهبُ بهم فى السماءِ، ثم تَكُبُّهم على الرءوسِ. وقرَأ قولَ اللهِ: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾. قال: وكان أَمسَك عنهم المطرَ. فقرَأ حتى بلَغ: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الأحقاف: ٢٤، ٢٥]. قال: وما كانت الريحُ تَقْلَعُ مِن أولئِك الثمانيةِ كلَّ يومٍ إلا واحدًا. قال: فلما عذَّب اللهُ قومَ عادٍ، أَبْقى اللهُ واحدًا يُنْذِرُ الناسَ. قال: فكانت امرأةٌ قد رأَتْ قومَها، فقالوا لها: أنتِ أيضًا؟ قالت: تَنَحَّيتُ على الجبلِ. قال: و (١) قيل لها بعدُ: أنتِ قد سَلِمْتِ وقد رأَيتِ، فكيف لا رأيتِ عَذابَ اللهِ؟ قالت: ما أَدْرِى غيرَ أَنَّ أسْلَمَ ليلةٍ ليلةَ لا ريحَ.

وأولى القولين فى ذلك عندى بالصوابِ قولُ مَن قال: عُنِى بقولِه: ﴿حُسُومًا﴾: متَتابعةً. لإجماعِ الحجةِ مِن أهلِ التأويلِ على ذلك.

وكان بعضُ أهلِ العربيةِ (٢) يقولُ: الحُسُومُ التِّباعُ، إِذا تَتابَع الشئُ فلم يَنْقَطِعْ


(١) بعده فى م: "قد".
(٢) هو الفراء فى معانى القرآن "٣/ ١٨٠".