يقولُ تعالى ذكرُه: ولكنه تنزيلٌ من ربِّ العالمين نزَل عليه، ولو تَقَوَّل عليْنا محمدٌ بعضَ الأقاويلِ الباطلةِ، وتكذَّب علينا.
﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾. يقولُ: لأَخَذْنا منه بالقوَّة منا والقدرةِ، ثم لقطَعْنا منه نِياطَ القلبِ.
وإنما يعنى بذلك أنه كان يُعاجِلُه بالعقوبةِ، ولا يُؤَخِّرُه بها.
وقد قيل: إن معنى قولِه: ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾: لأَخَذْنا منه باليد اليمنى مِن يدَيه. قالوا: وإِنما ذلك مَثَلٌ، ومعناه: إِنَّا كنَّا نُذِلُّه ونُهِينُه، ثم نَقْطَعُ منه بعد ذلك الوتينَ. قالوا: وإنما ذلك كقولِ ذى السلطانِ إذا أراد الاستخفاف ببعضِ مَن بينَ يدَيه، لبعضِ أعوانِه: خُذْ بيدِه فَأَقِمْه، وافْعَل به كذا وكذا. قالوا: وكذلك معنى قولِه: ﴿لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾. أى: لأَهنَّاه. كالذي يُفْعَلُ بالذى وصَفْنا حالَه.
وبنحوِ الذي قلنا في معنى قولِه: ﴿الْوَتِينَ﴾. قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني سليمانُ بنُ عبدِ الجبارِ، قال: ثنا محمدُ بنُ الصَّلْتِ، قال: ثنا أبو كُدَينةَ، عن عطاءٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾. قال: نِياطَ القلبِ (١).
حدَّثنا ابنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن عطاءٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ بمثلِه.
(١) أخرجه الفريابي، وابن أبي حاتم -كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٤٧ - والحاكم ٢/ ٥٠١ من طريق عطاء به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور -كما في المخطوطة المحمودية ص ٤٢٩ - إلى عبد بن حميد وابن المنذر وسعيد بن منصور.