للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الربيعِ فى قولِه: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ يقولُ: نظرَك فى السماءِ. وكان النبىُّ يقلِّبُ وجهَه فى الصلاةِ وهو يصلِّى نحوَ بيتِ المقدسِ، وكان يهوَى قِبلةَ البيتِ الحرامِ، فولَّاه اللهُ قبلةً كان يهوَاها (١).

حدَّثنى موسى، قال: حدَّثنا عمرٌو، قال: حدَّثنا أسباطُ، عن السُّدِّىِّ، قال: كان الناسُ يصلُّون قِبَلَ بيتِ المقدسِ، فلما قدِمَ النبىُّ المدينةَ على رأسِ ثمانيةَ عشرَ شهرًا من مُهاجَرِه، وكان إذا صلَّى رفَع رأسَه إلى السماءِ ينظُرُ ما يُؤْمَرُ، وكان يصلِّى قِبَلَ بيتِ المقدسِ، فنسَخَتْها الكعبةُ. وكان النبىُّ يحبُّ أن يُصلِّىَ قِبلَ الكعبةِ، فأنزَل اللهُ: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ الآية.

ثم اختُلِف فى السببِ الذى من أجلِه كان النبىُّ يهوَى قبلةَ الكعبةِ.

فقال بعضُهم: كرِهَ قبلةَ بيتِ المقدسِ من أجلِ أن اليهودَ قالوا: يتَّبعُ قبلتَنا ويخالِفُنا فى دينِنا!

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: حدَّثنا الحسينُ، قال: حدَّثنى حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، عن مجاهدٍ، قال: قالت اليهودُ: يخالفُنَا محمدٌ ويتَّبعُ قبلَتَنا. فكان يدعوُ اللهَ [ويستفرِضُ القبلةَ] (٢)، فنزَلت: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ -وانقطَع قولُ يهودَ:


(١) أخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ١/ ٢٥٣ (١٣٥٦، ١٣٥٨) من طريق أبى جعفر، عن الربيع، عن أبى العالية.
(٢) فى م، ت ٢: "يستعرض للقبلة". قال الشيخ شاكر: ليست بشئ. وقال: أى يطلب فرضها عليه وعلى المؤمنين، وهذا ما لم تثبته كتب اللغة، ولكنه صحيح العربية.