للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قال: سَمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: أخبَرنا عبيدٌ، قال: سَمِعْتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾. يعنى: الوليدُ بنُ المغيرةِ، دعاه نبيُّ اللهِ إلى الإسلام، فقال: حتى أَنْظُرَ. فَفَكَّر، ﴿ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾، فجعل اللهُ له سقَرَ.

حدثَّني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زِيدٍ في قولِه: ﴿ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا﴾ إلى قوله: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾. قال: هذا الوليدُ بنُ المغيرةِ، قال: سأَبْتارُ (١) لكم هذا الرجلَ الليلةَ. فأتَى النبيَّ ، فوجَده قائمًا يُصَلِّي ويَقْتَرِئُ، وأتاهم فقالوا: مَهْ. قال: سَمِعْتُ قولًا حُلْوًا أخضرَ مُثْمِرًا يَأْخُذُ القلوبَ. فقالوا: [هو شعرٌ] (٢). فقال: لا واللهِ، ما هو بالشعرِ، ليس أحدٌ أعلمَ بالشعرِ منى، أليس قد عرَضَت عليَّ الشعراءُ شعرَهم، نابغةُ وفلانٌ؟ قالوا: فهو كاهنٌ. فقال: لا واللهِ ما هو بكاهنٍ (٣)، قد عرَفتُ (٤) الكَهانَة. قالوا (٥): فهذا سحرُ الأَوَّلِين اكْتَتَبه. قال: لا أدرى، إن كان شيئًا فعسى، هو إذن سحرٌ يُؤْثَرُ. فقرأ: ﴿فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ﴾ قال: قُتِل كيف قدَّر حينَ قال: ليس بشعرٍ، ثم قُتِل كيف قدَّر حينَ قال: ليس بكَهانةٍ.

وقولُه: ﴿ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ثم ولَّى عن الإيمانِ بما أَنْزَل اللهُ من كتابِه والتصديقِ به، واسْتَكْبر عن الإقرارِ بالحقِّ.

فَقَالَ ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾. [يقولُ تعالى ذكرُه: فقال إن هذا الذي يتلوه محمدٌ، إلا سحرٌ] (٦)


(١) هو من البتر، وهو استئصال الشيء قطعًا. التاج (ب ت ر).
(٢) في الأصل: "هذا شعر هو شاعر".
(٣) بعده في الأصل: "ولا هي بكهانة".
(٤) في م "عرضت علي".
(٥) في الأصل: "قال"، وفي ت ١: "فقالوا"
(٦) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، وفى م: "قال".