للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وُصفت إلى هذه الخيلِ المعروفةِ المنسوبةِ، كذلك تُنْسَبُ العينُ إلى أنَّها تُسَمَّى؛ لأن القرآنَ نزَل (١) على كلامِ العربِ، قال: وأنشَدني يونسُ:

صَفْراءُ مِن نَبْعٍ يُسَمَّى سَهْمُها … مِنْ طُولِ ما صَرَعَ الصُّبُودَ الصَّيِّبُ (٢)

فرفع "الصَّيِّب"؛ لأنه لم يُرِدْ أنْ يُسَمَّى بالصَّيِّبِ، إنما الصَّيِّبُ مِن صفةِ الاسمِ والسهمِ. وقولُه: "يسمى سهمها". أي يُذْكَرُ سَهْمُها. قال: وقال بعضُهم (٣): لا، بل هو اسمُ العينِ، وهو معرفةٌ، ولكنه لما كان رأسَ آيةٍ وكان مفتوحًا، زِيدَتْ فيه الألفُ، كما قال: ﴿كَانَتْ قَوَارِيرَا﴾. وقال بعضُ نحويِّي الكوفةِ: السلسبيلُ نعتٌ، أراد: سَلِسٌ في الحَلْقِ، فلذلك حَرِيٌّ أن تُسَمَّى بسلاستِها.

وقال آخرُ منهم (٤): ذكَروا أنَّ السلسبيلَ اسمٌ للعينِ، وذكَروا أنه صفةٌ للماءِ لسَلَسِه (٥) وعُذُوبتِه. قال: ونرى أنه لو كان اسمًا للعينِ، لكان تركُ الإجراءِ فيه أكثرَ، ولم نَرَ أحدًا ترَك إجراءَها، وهو جائزٌ في العربيةِ؛ لأنَّ العرب تُجْرِى ما لا يُجْرَى في الشعرِ، كما قال مُتمِّمُ بنُ نُوَيْرةَ (٦):

فما وَجُدُ أَظْآرٍ (٧) ثَلاثٍ رَوَائِمٍ … رَأَيْنَ مَجَرًّا (٨) مِن حُوارٍ ومَصْرَعًا

فأجرَى "روائم" وهى مما لا يُجْرَى.


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "يدل".
(٢) البيت في التبيان ١٠/ ٢١٥.
(٣) هو الزجاج. ينظر تهذيب اللغة ١٣/ ١٥٦.
(٤) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٢١٧ والنص هنا مختصر عما هناك.
(٥) في ت ٢، ت ٣: "لسلسله". والسلس: السهل اللين المنقاد. ينظر القاموس المحيط (س ل س).
(٦) ديوان مالك ومتمم ابنى نويرة ص ١١٦.
(٧) أظار: جمع ظئر وهي التي تعطف على غير ولدها وترضعه من الناس والإبل. ينظر اللسان (ظ أر).
(٨) في م: "مخرا".