للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنه وجَّهه إلى أنه اسمٌ أعجميٌّ، ولكلَّ هذه القراءاتِ التي ذكرناها وجهٌ ومذهبٌ، غيرُ الذي ذكرْنا عن ابن مُحَيْصِنٍ؛ فإنها بعيدةٌ من معروفِ كلامِ العربِ، وذلك أَنَّ الإسْتَبْرَقَ نكرةٌ، والعربُ تُجْرِى الأسماءَ النكرةَ وإنْ كانت أعجميةً. والإسْتَبْرَقُ: هو ما غَلُظَ مِن الدِّيباجِ. وقد ذكَرْنا أقوالَ أهلِ التأويلِ في ذلك، فيما مضى قبلُ، فأَغْنى ذلك عن إعادته ههنا (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: الإستبرقُ الدِّيباجُ الغليظُ (٢).

وقولُه: ﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ﴾. يقولُ: وحَلَّاهم ربُّهم أَساوِرَ، وهي جمعُ أَسْوِرَةٍ، مِن فضةٍ.

وقولُه: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وسَقى هؤلاءِ الأبرارَ ربُّهم شرابًا طهورًا. ومِن طُهْرِه أنه لا يَصِيرُ بولًا نَجَسًا، ولكنه يصيرُ رَشْحًا مِن أبدانِهم كرَشْحِ المسكِ.

كالذي حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا يحيى بنُ سعيدٍ وعبدُ الرحمنِ، قالا: ثنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ التيميِّ: ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾. قال: عَرَقٌ يَفيضُ مِن أعراضِهم مثلَ ريحِ المسكِ (٣).

حدثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ التيميِّ مثلَه.

قال: ثنا جريرٌ، عن مغيرةَ، عن إبراهيمَ التيميِّ، قال: إِنَّ الرجلَ مِن أهل الجنةِ


(١) ينظر ما تقدم في ١٥/ ٢٥٥، ٢١/ ٦٤، ٢٢/ ٢٤١.
(٢) ينظر ما تقدم في ٢١/ ٦٤.
(٣) أخرجه هناد في الزهد (٦١) من طريق سفيان به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٠٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.