للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عطاءٍ الذي أعْطاهم، عملوا له واحدةً، فجزاهم عشرًا. وقرأ قولَ اللهِ: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: ١٦٠]. ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [البقرة: ٢٦١]. قال: يَزيدُ مَن يَشَاءُ، كان هذا كلُّه عطاءً، ولم يكنْ أعمالًا يَحْسُبُه لهم، فجزاهم به، حتى كأنهم عملوا له. قال: ولم يَعْمَلُوا، إنما عمِلوا عشرًا فأعطاهم مائةً، وعملوا مائةً فأعطاهم ألفًا، هذا كلُّه عطاءٌ، والعملُ الأولُ، ثم حسَب ذلك حتى كأنهم عمِلوا، فجزَاهم كما جزَاهم بالذي عمِلوا.

وقولُه: ﴿رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: جزاءً مِن ربِّك ربِّ السماوات السبعِ والأرضِ وما بينَهما مِن الخلقِ.

واختَلَف القرأةُ في قراءة ذلك، فقرأَته عامةُ قرأةِ المدينة: (ربُّ السمواتِ والأرضِ وما بينَهما الرحمنُ) بالرفع في كليهما (١). وقرَأ ذلك بعضُ أهلِ البصرةِ وبعضُ الكوفيين: ﴿رَبِّ﴾ خفضًا، [و ﴿الرَّحْمَنِ﴾ كذلك خفضًا (٢). وقرَأه بعضُ قرأةِ مكةَ وعامةُ قرأةِ الكوفةِ: (ربِّ) خفضًّا] (٣)، و (الرحمنُ) رفعًا (٤). ولكلِّ ذلك عندَنا وجهٌ صحيحٌ، فبأيِّ ذلك قرَأ القارئُ فمصيبٌ، غيرَ أن الخفضَ في "الربِّ" القريه مِن قولِه: ﴿جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ﴾. أعجبُ إليَّ، وأما (الرحمنُ) بالرفعِ، فإنه أحسنُ؛ لبعدِه مِن ذلك.

وقولُه: ﴿الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا﴾ يقولُ تعالى ذكرُه:


(١) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر. ينظر النشر ٢/ ٢٩٧.
(٢) وهى قراءة ابن عامر وعاصم ويعقوب. المصدر السابق.
(٣) سقط من: م.
(٤) وهى قراءة حمزة والكسائى وخلف. المصدر السابق.