للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن الكلبيِّ: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾، قال: نكالَ الآخرةِ مِن المعصية والأولى (١).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن منصور، عن مجاهدٍ قولِه: ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾. قال: عمله للآخرةِ والأولى.

وقولُه: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن في العقوبة التي عاقَب اللهُ بها فرعونَ في عاجلِ الدنيا، وفى أخْذِه إياه نكالَ الآخرةِ والأولى، عِظةً ومُعْتَبَرًا لمن يَخافُ اللَّهَ ويَخْشَى عقابه.

وأخْرَج نكالَ الآخرةِ مصدرًا مِن قولِه: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ﴾؛ لأن قولِه: ﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ﴾: نكَّل اللهُ (٢) به، فجعَل: ﴿نَكَالَ الْآخِرَةِ﴾ مصدرًا مِن معناه، لا مِن لفظِه.

وقولُه: ﴿أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه للمكذِّبين بالبعثِ مِن قريشٍ، القائلين: ﴿أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (١١) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾: أأنتم أيُّها الناسُ أشدُّ خلقا، أم السماءُ بناها ربُّكم؟! فإن مَن بَنَى السماءَ فرفَعَها سقفًا، هَيِّنٌ عليه خلقُكم وخلقُ أمثالِكم، وإحياؤُكم بعدَ مَماتِكم، وليس خلقُكم بعدَ ممَاتِكم بأشدَّ مِن خلقِ السماءِ.

وعُنِى بقولِه: ﴿بَنَاهَا﴾: رفَعها فجعلها للأرضِ سقفًا.

وقولُه: ﴿رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فسوَّى السماءَ، فلا شيءَ أرفعُ مِن شيءٍ، ولا شيءَ أخفضُ مِن شيءٍ، ولكنَّ جميعها [مُسْتَوٍ في] (٣)


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٤٦ عن معمر به.
(٢) سقط مِن: م، ت ١.
(٣) في م: "مستوى".