للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن حفصٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، قال: وضَع البيتَ على الماءِ على أربعةِ أركانٍ قبلَ أن يَخْلُقَ الدنيا بألفَى عامٍ، ثم دُحِيَت الأرضُ مِن تحتِ البيتِ (١).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ، عن الأعمش، عن بُكَيْرِ بن الأَخْنَسِ، عن مجاهدٍ، عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو، قال: خلق اللهُ البيتَ قبلَ الأرضِ بألَفْى سنةٍ، ومنه دُحِيَت الأرضُ (٢).

وقال آخرون: بل معنى ذلك: والأرضَ مع ذلك دحاها. وقالوا: الأرضُ خُلِقَت ودُحِيَت قبل السماءِ، وذلك أن الله قال: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [البقرة: ٢٩]. قالوا: فأَخْبَر الله أنه سوَّى السماواتِ بعدَ أن خلَق ما في الأرضِ جميعًا (٣). قالوا: فإذا كان ذلك كذلك، فلا وجهَ لقولِه: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾ إلا ما ذكَرْنا، مِن أنه: مع ذلك دحاها. قالوا: وذلك كقولِ اللَّهِ ﷿: ﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ [القلم: ١٣]. بمعنى: مع ذلك زنيمٌ. وكما يقالُ للرجل: أنت أحمقُ، وأنت بعدَ هذا لئيمُ الحَسَبِ. بمعنى: مع هذا. وكما قال جلَّ ثناؤه: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ﴾ [الأنبياء: ١٠٥]. أي: مِن قبل الذِّكْرِ. واسْتَشْهَد بقول الهُذَليِّ (٤):


(١) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٩، وينظر ما تقدم تخريجه ٢/ ٥٥٣.
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٩، وأخرجه البيهقى في الشعب (٣٩٨٣) من طريق مجاهد به.
(٣) في ت ١، ت،٢ ت ٣: "جميعها".
(٤) هو أبو خراش الهذلي. والبيت في ديوان الهذليين ٢/ ١٥٧.