للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذُكر أن ذلك في قراءةِ عبدِ اللهِ: (قُشِطَتْ) بالقافِ (١)، والقَشْطُ والكَشْطُ بمعنًى واحدٍ، وذلك تحويلٌ مِن العربِ الكافَ قافًا؛ لتقارُبِ مخرَجَيْهما، كما قيل للكافور: قافورٌ. وللقُسْطِ: كُسْطٌ. وذلك كثيرٌ في كلامِهم، إذا تقارَب مخرجُ الحرفين، أبدَلوا مِن كلِّ واحدٍ منهما صاحبَه، كقولِهم للأَثافيِّ: أثاثيُّ. وثوبٌ فُرقُبيٌّ وثُرْقُبيٌّ (٢).

وقولُه: ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا الجحيمُ أُوقِد عليها فأُحْمِيت.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ﴾: سعَّرها غضبُ اللهِ وخطايا بني آدمَ (٣).

واختلفتِ القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأتْه عامةُ قرأةِ المدينةِ: ﴿سُعِّرَتْ﴾ بتشديدِ عينِها، بمعنى: أُوقِد عليها مرَّةً بعدَ مرَّةٍ. وقرَأتْه عامةُ قرأةِ الكوفةِ بالتخفيفِ (٤).

والقولُ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا الجنةُ قُرِّبت وأُدْنِيَت.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٤١، ومختصر الشواذ لابن خالويه ص ١٦٩.
(٢) الثياب الثرقبية والفرقبية: ثياب بيض من كتان، وقيل: من ثياب مصر. التاج (ثرقب، فرقب).
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره ١٩/ ٢٣٥، وابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٥٨.
(٤) قراءة التشديد قرأ بها نافع وابن عامر وحفص وأبو عمرو. وقراءة التخفيف قرأ بها أبو بكر وابن كثير والكسائى وحمزة. ينظر حجة القراءات ص ٧٥١.