للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: (وما هو على الغيبِ بظَنينٍ). يقولُ: ليس بمتَّهَمٍ على ما جاء به، وليس يُظَنُّ بما أوتِىَ (١).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا خالدُ بنُ عبدِ اللهِ الواسطيُّ، قال: ثنا المغيرةُ، عن إبراهيم: (وما هو على الغيب بظَنينٍ). قال: بمتَّهَمٍ (٢).

حدَّثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن عاصمٍ، عن زِرٍّ: (وما هو على الغيبِ بِظَنينٍ). قال: الغيبُ: القرآنُ، وفي قراءتِنا: (بِظَنِينٍ): مُتَّهَمٍ (٢).

حُدِّثتُ عن الحسينِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سمعتُ الضحاكَ يقولُ في قوله: (بِظَنينٍ). قال: ليس على ما أنزَل اللهُ بمتَّهَمٍ (٣).

وقد تأوَّل ذلك بعضُ أهل العربية (٤) أن معناه: وما هو على الغيب بضعيفٍ، ولكنه محتَمِلٌ له مُطيقٌ. ووجَّهَه إلى قول العربِ للرجل الضعيفِ: هو ظَنُونٌ.

وأولَى القراءتين في ذلك عندى بالصواب ما عليه خطوطُ مصاحفِ المسلمين مُتَّفقةٌ، وإن اختلَفَتْ قراءتهم به، وذلك: ﴿بِضَنِينٍ﴾ بالضادِ (٥)؛ لأن ذلك كلَّه كذلك في خُطوطِها.

فإذ كان ذلك كذلك، فأولى التأويلين بالصواب في ذلك تأويلُ مَن تأوَّله: وما محمد على ما علمه الله من وحيِه وتنزيلِه، ببخيلٍ بتعليمِكُموه أيُّها الناسُ، بل هو حريصٌ على أن تُؤمِنوا به وتتعَلّموه.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٢٢ إلى ابن مردويه.
(٢) تقدم تخريجه في ص ١٦٨.
(٣) ذكره الطوسي في التبيان ١٠/ ٢٨٧.
(٤) ينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٤٣.
(٥) القراءتان كلتاهما صواب.