للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿مَخْتُومٍ (٢٥) خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾. قال: طينُه مسكٌ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿مَخْتُومٍ﴾: الخمرُ، ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾: ختامُه عندَ اللَّهِ مسكٌ، وختامُها اليومَ في الدنيا طينٌ (٢).

وأولى الأقوالِ في ذلك عندَنا بالصوابِ قولُ من قال: معنى ذلك: آخرُه وعاقبتُه مسكٌ. أي: هي (٣) طيبةُ الريحِ، إن ريحَها في آخرِ شربِهم يختمُ لهم (٤) بريحِ المسكِ.

وإنما قلنا: ذلك أولى الأقوالِ في ذلك بالصحةِ؛ لأنه لا وجهَ للختمِ في كلامِ العربِ إلا الطبعُ والفراغُ، كقولِهم: ختَم فلانٌ القرآنَ. إذا أتَى على آخرِه، فإذا كان لا وجهَ للطبعِ على شرابِ أهلِ الجنةِ يُفهمُ؛ إذ كان شرابُهم جاريًا جَرْىَ الماءِ في الأنهارِ، ولم يكنْ مُعَتَّقًا في الدنانِ فيُطَيَّنَ عليها ويُختمَ - عُلِم (٥) أن الصحيحَ من ذلك هو الوجهُ الآخرُ، وهو العاقبةُ والمشروبُ آخِرًا، وهو الذي خُتِم به الشرابُ.

وأما الختمُ بمعنى المزجِ، فلا نعلمُه مسموعًا من كلامِ العربِ.

وقد اختلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ الأمصارِ: ﴿خِتَامُهُ


(١) تفسير مجاهد ص (٧١٢) ومن طريقه البيهقى في البعث (٣٦٤)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٣٢٧) إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره الطوسى في التبيان (١٠/ ٣٠٣)، والبغوى في تفسيره (٨/ ٣٦٧).
(٣) في ص، ت (١)، ت (٢)، ت (٣): "في".
(٤) في م: "لها".
(٥) في م: "تعين".