للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَرْوَةَ﴾. في هذا الموضعِ: الجَبَلَيْن المسمَّيَيْنِ بهذَيْنِ الاسْمَيْنِ اللذَيْنِ في حَرَمِه دونَ سائرِ الصَّفا والمرْوةِ (١)، ولذلك أدخَل فيهما الألفَ واللَّامَ؛ ليُعْلِمَ عبادَه أنه عنَى بذلك الجبلَينْ المعروفَيْن بهذَيْن الاسمَيْن، دون سائرِ الأصفاءِ والمرْوِ.

وأما قولُه: ﴿مِنْ شَعَائِرِ اللهِ﴾. فإنه يَعْني به: مِن معالم اللهِ التي جعَلَها جلَّ ثناؤُه لعبادِه مَعْلَمًا ومَشْعَرًا يعبدونَه عندَها إمَّا بالدُّعاءِ، وإمَّا بالذِّكرِ (٢)، وإما بأداءِ ما فُرضَ عليهم من العملِ عندَها، ومنه قولُ الكُميْتِ (٣) بنِ زيدٍ:

نُقَتِّلُهُمْ جِيلًا (٤) فجِيلًا نَرَاهُمُ (٥) … شَعائِرَ قُرْبانٍ بِهِمْ نَتَقَرَّبُ (٦)

وكان مجاهدٌ يقولُ في الشعائرِ ما حدَّثني محمدُ بنُ عَمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، حدثنا عيسى، وحدَّثني المُثَنَّى، قال: حدَّثنا أبو حُذيفةَ، قال: حدَّثنا شِبْلٌ، جميعًا عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ﴾. قال: من الخيرِ الذي أَخبَركم عنه (٧).

فكأنّ مجاهدًا كان يرى أن الشعائرَ إنما هو جمعُ شَعِيرةٍ من إشْعارِ اللهِ عبادَه أمْرَ الصفَا والمروةِ، وما عليهم في الطوافِ بهما، بمعنى (٨) إعلامِهم ذلك، وذلك تأويلٌ من المَفْهومِ بعيدٌ.


= ينظر المصدر السابق.
(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المرو".
(٢) في الأصل: "الصلاة". وفي ت ٣: "بالفكرة".
(٣) البيت في اللسان، والتاج (ش ع ر).
(٤) في م: "جبيلا".
(٥) في م، واللسان، والتاج: "تراهم". وينظر تفسير الطبري للشيخ محمود شاكر ٢/ ٢٢٦ حاشية (٣).
(٦) في م، ت ٢، ت ٣: "يتقرب".
(٧) تفسير مجاهد ص ٢١٧، بزيادة ستأتي في ص ٧١٦، ٧٢٣، ٧٢٨.
(٨) في م: "فمعناه".