للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا وكيعٌ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن عبدِ اللهِ، قال: هي السماءُ، تَغَيَّرُ لونًا بعدَ لونٍ.

وقرَأ ذلك عامةٌ قرأةِ المدينة وبعضُ الكوفيِّين: ﴿لَتَرْكَبُنَّ﴾ بالتاءِ وضمِّ الباءِ، على وجْهِ الخطابِ للناسِ كافةً (١)، أنهم يَرْكبون أحوالَ الشدَّةِ حالًا بعدَ حالٍ. وقد ذكَر بعضُهم (٢) أنه قُرِئ (٣) ذلك بالياءِ وبضمِّ الباءِ (٤)، على وجْهِ الخبرِ عن الناسِ كافةً أنهم يفعلون ذلك.

وأولى القراءاتِ في ذلك عندى بالصوابِ قراءةُ من قرَأه بالتاءِ وبفتحِ الباءِ (٥)؛ لأنَّ تأويلَ أهلِ التأويلِ من جميعِهم بذلك ورَد وإن كان للقراءاتِ الأُخرِ وجوهٌ مفهومةٌ. وإذ كان الصوابُ مِن القراءةِ في ذلك ما ذكَرْنا، فالصوابُ مِن التأويلِ قولُ مَن قال: لتَرْكَبَنَّ أنت يا محمدُ حالًا بعد حالٍ، وأمرًا بعد أمرٍ من الشدائدِ. والمرادُ بذلك - وإن كان الخطابُ إلى رسولِ اللهِ موجَّهًا - جميعُ الناسِ؛ أَنهم يَلْقَون مِن شدائدِ يومِ القيامةِ وأهوالِه أحوالًا.

وإنما قلنا: عُنِى بذلك ما ذكَرْنا؛ أنَّ الكلامَ قبل قوله: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ جرَى بخطابِ الجميعِ، وكذلك بعدَه، فكان أشبهَ أن يكونَ ذلك نظيرَ ما قبلَه وما بعدَه.

وقولُه: ﴿طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾. مِن قولِ العربِ: وقع فُلانٌ في بناتِ طَبَقٍ. إذا وقع في أمرٍ شديدٍ.

وقولُه: ﴿فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكره: فما لهؤلاء المشركين (٦) لا


(١) وبها قرأ نافع وعاصم وابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب. ينظر النشر ٢/ ٢٩٨.
(٢) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٢٥٢.
(٣) في النسخ: "قرأ". والمثبت ما يقتضيه السياق
(٤) وهذه القراءة عن عمر، وهى شاذة. البحر المحيط ٨/ ٤٤٨.
(٥) القراءات كلها صواب.
(٦) في ص، ت ١، ت،٢، ت ٣: "المشركون".