للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجنةِ، عَجِب مِن ذلك أهلُ الضلالة، فأنزل الله: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾. فكانت الإبلُ مِن عيشِ العربِ ومن خَوَلِهم (١).

حدَّثنا ابنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ (٢) عن أبي إسحاقَ، عمَّن سمِع شُريحًا يقولُ: اخْرُجوا بنا ننظرْ إلى الإبلِ كيف خُلِقت (٣).

وقولُه: ﴿وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: أفلا يَنْظُرون أيضًا إلى السماءِ فوقَهم (٤) كيف رفَعها الذي أخبَركم أنه مُعِدٌّ لأوليائِه ما وصَف، ولأعدائِه ما ذكَر، فيعلموا أنَّ قُدْرتَه القدرةُ التي لا يُعْجِزُه فعلُ شيءٍ أراد فعلَه؟!

وقوله: ﴿وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ﴾. يقولُ: وإلى الجبالِ كيف أُقِيمت منتصبةً، لا تَسَقُطُ فتَنْبسطَ في الأرضِ، [ولكنه] (٥) جعَلها بقدرتِه منتصبةً جامدةً، لا تبْرحُ مكانَها، ولا تزولُ عن موضعِها.

وقد حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ﴾: تصاعدُ إلى الجبلِ الصَّيْخودِ (٦) عامةَ يومِك، فإذا أَفْضَيْتَ إلى أعلاه، أَفْضَيْتَ إلى عيونٍ متفجرةٍ وثمارٍ متهدِّلةٍ ثَمَّ، لم تَحرُثْه الأيدى ولم تَعْمَلُه،


(١) الخول: ما أعطاك الله تعالى من النعم والعبيد والإماء وغيرهم من الحاشية، للواحد والجميع والمذكر والمؤنث. القاموس المحيط (خ و ل).
والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٤٣ إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٢) في ت ١: "سعيد". وينظر تهذيب الكمال ١٢/ ٤٧٩.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٤٣ إلى عبد بن حميد.
(٤) سقط من: م، ت ٢، ت ٣.
(٥) في م، ت ٢، ت ٣: "ولكنها".
(٦) يقال: صخرة صيخود: شديدة، لا تعمل فيها المعاول. ينظر القاموس المحيط والوسيط (ص خ د).