للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هكذا ينبغي أن تفعلوا؛ أن يُلهِيَكم التكاثر.

وقوله: ﴿سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣)﴾. يقول جل ثناؤه: سوف تعلمون إذا زرتم المقابر، أيُّها الذين ألهاهم التكاثرُ، غِب فعلكم واشتغالكم بالتكاثر في الدنيا عن طاعةِ ربكم (١).

وقوله: ﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾. يقولُ: ثم ما هكذا ينبغي أن تفعلوا؛ أن يُلهِيّكم التكاثر بالأموال، وكثرة العددِ، سوف تعلمون إذا زرتم المقابر ما تلقون - إذا أنتم زرتموها - من مكروه اشتغالكم عن طاعة ربكم بالتكاثر.

وكرَّر قوله: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾. مرتين؛ لأن العرب إذا أرادت التغليظَ في التخويف والتهديد، كرَّروا الكلمة مرتين.

وروى عن الضحاك في ذلك ما حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبى سنانٍ، عن ثابتٍ، عن الضحاكِ: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾. قال: الكفارُ، ﴿ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)﴾. قال: المؤمنون. وكذلك كان يقرؤها (٢).

وقوله: ﴿كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥)﴾. يقول تعالى ذكره: ما هكذا ينبغى أن تفعلوا؛ أن يُلهيكم التكاثرُ أَيُّها الناسُ، لو تعلمون أيُّها الناسُ علمًا يقينًا أن اللَّهَ باعثكم يومَ القيامةِ من بعد مماتكم من قبوركم، ما ألهاكم التكاثر عن طاعةِ اللهِ ربِّكم، ولسارعتم إلى عبادته، والانتهاء إلى أمره ونهيه ورفض الدنيا؛ إشفاقًا على أنفسكم من عقوبته.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) بعده في م: "الله".
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٤٩٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٨٧ إلى المصنف.