للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿إنَّهَا عَلَيْهِم مُّوْصَدَةٌ﴾ قال: مُطبَقةٌ، والعرب تقول: أوصد البابَ: أغلَق.

وقوله: ﴿فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾. اختلفت القرأة في قراءة ذلك؛ فقرأته عامة قرأةِ المدينة والبصرة: ﴿فِي عَمَدٍ﴾ بفتح العين والميم (١). وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفة: (في عُمُدٍ) بضمِّ العين والميم (٢).

والقولُ في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان، قد قرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماء من القرأة، ولغتان صحيحتان، والعرب تجمعُ العمودَ عُمُدًا وعَمَدًا، بضمِّ الحرفين وفتحهما، وكذلك تفعلُ في جمعِ إهابٍ؛ تجمعه أُهُبًا، بضمِّ الألفِ والهاء، وأَهَبًا بفتحهما، وكذلك القضيمُ (٣)، فبأيتهما قرأ القارئَ فمصيبٌ.

واختلف أهل التأويل في معنى ذلك؛ فقال بعضهم: [معنى ذلك] (٤): إنها عليهم مؤصدة بعمد ممددةٍ، أي: مغلقة مطبقة عليهم. وكذلك هو في قراءة عبدِ الله فيما بلغنا (٥).

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن قتادة: في قراءةِ عبدِ اللَّهِ: (إنها عليهم مؤْصَدَةٌ بِعَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ) (٦).

وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنما دخلوا في عمدٍ، ثم مُدَّت عليهم تلك العمدُ


(١) هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وأبي جعفر ويعقوب وحفص عن عاصم. النشر ٢/ ٣٠١.
(٢) هي قراءة عاصم في رواية أبي بكر عنه وحمزة والكسائى وخلف. المصدر السابق.
(٣) في م: "القضم"، وفى ت ٢، ت ٣: "العصم". والقضيم: الجلد الأبيض، يجمع على قُضُم وقَضَم. اللسان (ق ض م).
(٤) سقط من: م.
(٥) ينظر تفسير القرطبي ٢٠/ ١٨٥ ونسب هذه القراءة ابن خالويه في الشواذ ص ١٨٠ إلى الأعمش.
(٦) ذكره ابن رجب في التخويف من النار ص ٨٦، وابن كثير في تفسيره ٨/ ٥٠٢ عن قتادة به. وقراءة عبد الله شاذة لمخالفتها رسم المصحف.