للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معه يدله على الطريق، حتى إذا مرَّ بالطائف، خرج إليه مسعودُ بنُ مُعَتِّبٍ في رجالِ ثقيفٍ، فقال: أيُّها الملك، إنما نحن عبيدُك، سامعون لك مطيعون، ليس لك عندَنا خلافٌ، وليس بيتُنا هذا بالبيت الذي تريدُ - يعنون اللاتَ - إنما تريدُ البيت الذي بمكة - يعنون الكعبةَ - ونحن نبعث معك مَن يَدُلُّك. فتجاوَزَ عنهم، وبعثوا معه (١) أبا رِغالٍ، فخرج أبرهةُ ومعه أبو رغالٍ، حتى أنزله المُغَمِّسَ، فلما أنزله به مات أبو رغالٍ هنالك، فرجمت العرب قبرَه، فهو القبرُ الذي يرجمُ الناسُ بالمغمِّسِ.

ولما نزل أبرهة المغمِّسَ، بعث رجلا من الحبشة يقال له: الأسودُ بنُ مقصودٍ. على خيلٍ له حتى انتهى إلى مكةَ، فساق إليه أموالَ أهلِ مكةَ من قريش وغيرهم، وأصاب منها (٢) مائتى بعير لعبد المطلب بن هاشم، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها، وهمت قريش وكنانة وهُذَيْلٌ ومن كان (٣) بالحرم من سائر الناس بقتاله، ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك، وبعَث أبرهة حناطة الحميريَّ إلى مكة، وقال له: سَلْ عن سيد هذا البلد وشريفهم، ثم قل له: إن الملكَ يقول لكم: إني لم آتِ لحربِكم، إنما جئتُ لهدم البيتِ، فإن لم تَعَرَّضُوا دونه بحربٍ فلا حاجة لي بدمائِكم، فإن لم يُرِدْ حربى فأتنى به.

فلما دخل حناطة مكة، سأل عن سيد قريش وشريفها، فقيل له (٤): عبد المطلب بن هاشم بن عبدِ منافِ بن قُصَيٍّ. فجاءه فقال له ما أمره به أبرهةُ، فقال له عبدُ المطلب: والله ما نريد حربَه، وما لنا بذلك من طاقةٍ، هذا بيتُ الله الحرام،


(١) في م: "معهم".
(٢) في م، ت ١، ت ٢ ت ٣: "فيها".
(٣) بعده في م: "معهم"، وبعده في ت ١: "معها".
(٤) سقط من: ص، م، ت ٢، ت ٣.