للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾. قال: غيرَ (١) أن يأكُلَ ذلك بغْيًا وتعدِّيًا عن الحلالِ إلى الحرامِ، ويتركَ الحلالَ وهو عندَه، ويتعدَّى بأكلِ هذا الحرامِ؛ هذا التعدِّي. يُنكِرُ أن يكونا مختلِفَيْن، ويقولُ: هذا وهذا واحدٌ.

وقال آخرون: تأويلُ ذلك: فمن اضطُرَّ غيرَ باغٍ في أكلِه شهوةً، ولاعادٍ فوقَ ما لابدَّ له منه.

ذِكرُ من قال ذلك

حدثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾: أما "باغ" فيبتغِي (٢) فيه شهوتَه، وأما "العادي"، فيتعدَّى في أكلِه، يأكُلُ حتى يشبَعَ، ولكن يأكُلُ منه قوتًا (٣)، ما يُمسِكُ به نفْسَه حتى يبلُغَ حاجتَه (٤).

وأوْلى هذه الأقاويلِ بتأويلِ الآيةِ قولُ مَن قال: فَمَن اضْطُرَّ غيرَ باغٍ بأكلِه ما حُرِّم عليه من أكلِه، ولا عادٍ في أكلِه، وله عن تركِ أكلِه - بوجودِه (٥) غيرَه مما أحلَّه اللهُ له - مندوحةٌ وغنًى؛ وذلك أن اللهَ لم يرخِّصْ لأحدٍ في قتلِ نفسِه بحالٍ. فإذْ كان ذلك كذلكَ، فلا شكَّ أن الخارجَ على الإمامِ والقاطعَ الطريقَ، وإن كانا قد أتيَا ما حرَّمَ اللهُ عليهما - من خروجِ هذا على من خرَج عليه، وسَعْي هذا بالإفسادِ في الأرضِ - فغيرُ مُبيحٍ لهما فِعلُهما ما فعَلا - مما حرَّمَ اللهُ عليهما - ما كان حرامًا (٦)


(١) سقط من ت م، ت ١، ت ٢.
(٢) في م، ت ٢: "فيبغي".
(٣) في م: "قدر".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٨٤ (١٥٢٦، ١٥٢٩) من طريق عمرو بن حماد به.
(٥) في م: "بوجود".
(٦) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "حرم الله".