للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فنزَلت: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ (١).

حدَّثنا بشرٌ بنُ مُعاذٍ، قال: حدثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، قال: حدثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾: ذُكرَ لنا أنّ رجلًا سأل نبيَّ اللهِ عن البرِّ، فأَنْزَلَ اللهُ هذه الآيةَ. وذُكرَ لنا أن نبيَّ اللهِ دعا الرجلَ فتَلاها عليه، وقد كان الرجلُ قبلَ الفرائضِ إذا شهِدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأن محمدًا عبدُه ورسولُه، ثم مات على ذلك يُرجَى له ويُطمعُ له في خيرٍ. فأَنْزلَ اللهُ: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾. وكانتِ اليهودُ تَوجَّهتْ قِبلَ المغربِ، والنصارَى قِبلَ المشرقِ، ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ الآية (٢).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: حدثنا إسحاقُ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ بنِ أنسٍ، قال: كانتِ اليهودُ تصلِّي قِبلَ المغربِ، والنصارَى قِبلَ المشرقِ، فنزَلت: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾ (٣).

وأوْلى هذين القولَين بتأويلِ الآيةِ القولُ الذي قاله قتادةُ والربيعُ بنُ أنسٍ أن يكونَ عَنَى بقولِه: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ﴾. اليهودَ والنصارَى؛ لأن الآياتِ قبلَها مَضَتْ بتوبيخِهم ولوْمِهم، والخبرِ عنهم وعمَّا أُعِدَّ لهم من أليمِ العذابِ، وهذه في سياقِ ما قبلَها - فتأويلُها (٤) إذْ كان الأمرُ كذلك - ليس البرَّ أيُّها اليهودُ والنصارَى أن يُولِّيَ بعضُكم وجهَه قِبلَ المشرقِ، وبعضُكم قِبلَ


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٦٦.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٦٩ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٨٧ عقب الأثر (١٥٤١) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٤) سقط من: م.