للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إنَّ (١) هذا من الأمرِ الذي أنزَل اللهُ فيه قولَه: فإن اختَلَفتم (٢) في شيْءٍ فردُّوه إلى اللهِ وإلى (٣) الرسولِ وإلى أُولي الأمرِ منكم".

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: حدثنا عبدُ الواحدِ بنُ زيادٍ، عن يونسَ، عن الحسنِ، في رجلٍ قَتَل فأُخِذتْ منه الديةُ، ثم إن وَليَّه قتلَ به القاتلَ؟ قال الحسنُ: تُؤخذُ منه الديةُ التي أخَذ ولا يُقتلُ به (٤).

وأولى التأويلين بقولِه: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. تأويلُ مَن قال: فمن اعتدَى بعدَ أخذِه الديةَ، فقتَل قاتلَ وليِّه، فله عذابٌ أليمٌ في عاجلِ الدنيا، وهو القتلُ؛ لأن اللهَ جلَّ ثناؤُه جعَل لوليِّ كلِّ قتيلٍ ظُلمًا السلطانَ على قاتلِ وَليِّه، فقال: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ﴾ [الإسراء: ٣٣]. فإذ كان ذلك كذلك، وكان الجميعُ من أهلِ العلمِ مُجمعين على أن مَن قتَل قاتلَ وليِّه بعدَ عفوِه عنه، وأخذِه منه ديةَ قتيلِه، أنه بقتلِه إيَّاه له ظالمٌ في قتلِه - كان بيِّنًا أن (٥) يُولَّى من قتَله ظلمًا كذلك السلطانَ عليه في القصاصِ والعفوِ وأخذِ الديةِ، أيَّ ذلك شاء. وإذا كان ذلك كذلك كان معلومًا أن ذلك عذابُه، لأن من أُقيم عليه حدُّه في الدنيا كان ذلك عقوبتَه مِن ذنبِه، ولم يكنْ به مُتَّبعًا في الآخرةِ، على ما قد ثبَت به الخبرُ عن رسولِ اللهِ (٦).


(١) في م: "لأن".
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تنازعتم".
(٣) سقط من: م.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ٩/ ٤٦٢، وابن حزم في المحلى ١٢/ ٢٦٥ من طريق يونس به نحوه.
(٥) بعده في م: "لا".
(٦) أخرجه البخاري (٣٨٩٢)، ومسلم (١٧٠٩)، وغيرها من حديث عبادة. وينظر مسند الطيالسي (٥٨٠).