للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ جلَّ ثناؤُه: فمن غيَّر ما أوصَى به الموصِى من وصيَّتِه بالمعروفِ لوالديه أو أقربيهِ الذين لا يَرثونه بعدَ ما سمِع الوصيةَ، فإنما إثمُ التبديلِ على من بدَّلَ وصيَّتَه.

فإن قال لنا قائلٌ: وعلامَ عادت الهاءُ التى في قولِه: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾؟

قيل: على محذوفٍ من الكلامِ يدلُّ عليه الظاهرُ، وذلك هو أمرُ الميتِ وإيصاؤُه مَن أوصَى إليه، بما أوصَى به، لمن أوْصَى له.

ومعنى الكلامِ: كُتِب عليكم إذا حضَر أحدَكم الموتُ إن ترَك خيرًا الوصيةُ للوالدين والأقْرَبين بالمعروفِ حقًّا على المتَّقين، فأوْصُوا لهم، فمن بدَّل ما أَوْصيتُم به لهم بعدَ ما سَمِعكم توصونَ لهم، فإنما إثمُ ما فعَل من ذلك عليه دُونَكم.

وإنما قلنا: إن الهاءَ في قولِه: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ عائدةٌ على محذوفٍ من الكلامِ يدلُّ عليه الظاهرُ؛ لأن قولَه: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ﴾ من قولِ اللهِ، وإنّ تبديلَ المبُدِّلِ إنما يكونُ لوصيةِ الموصِى، فأما أمرُ اللهِ بالوصيةِ فلَا يقدِرُ هو ولا غيرُه أن يُبدِّلَه فيجوزَ أن تكونَ الهاءُ في قولِه: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾ عائدةً على الوصيةِ.

وأما الهاءُ في قولِه: ﴿بَعْدَ مَا سَمِعَهُ﴾ فعائدةٌ على الهاءِ الأُولى في قولِه: ﴿فَمَنْ بَدَّلَهُ﴾. وأما الهاءُ التى في قولِه: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ﴾ فإنها مَكنىُّ "التبديل"، كأنه قال: فإنما إثمُ ما بدَّلَ من ذلك على الذين يُبدِّلونَه.

وبنحوِ الذى قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكرُ من قال ذلك

حدَّثنى محمدُ بنُ عَمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى