للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِالْمَعْرُوفِ﴾. وقد مضَى بيانُ ذلك هنالك بما أغنَى عن إعادتِه (١).

وأما قولُه: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ فإن قراءةَ كَافَّةِ المسلمين ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ وعلى ذلك خطوطُ مصاحفِهم، وهى القراءةُ التى لا يجوزُ لأحدٍ من أهلِ الإسلامِ خلافُها، لنقلِ جميعِهم تصويبَ ذلك قرنًا عن قرنٍ، وكان ابنُ عباسٍ يقرؤُها فيما رُوِى عنه: (وعَلى الذين يُطَوَّقونه).

ثم اختلَف قرأةُ ذلك: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ في معناه، فقال: بعضُهم: كان ذلك في أوَّلِ ما فُرِض الصومُ، وكان مَن أطاقَه من المقيمين صامَه إن شاءَ، وإن شاءَ أفطرَه وافْتدَى، فأطعمَ لكلِّ يومٍ أفطرَه مسكينًا حتى نُسِخ ذلك.

ذِكرُ من قال ذلك

حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: حدثنا يونسُ بنُ بكيرٍ، قال: حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ، عن عَمرِو بني مُرةَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبى ليلى، عن مُعاذِ بنِ جبلٍ، قال: إن رسولَ اللهِ قدِم المدينةَ، فصامَ يومَ عاشوراءَ وثلاثةَ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، ثم إنَّ اللهَ فرَض شهرَ رمضانَ، فأنزلَ اللهُ جلَّ ثناؤه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾. حتى بلَغ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ فكان من شاءَ صامَ، ومن شاءَ أفطَر وأطعَم مسكينًا، ثم إن اللهَ أوْجَبَ الصيامَ على الصحيحِ المقيمِ، وثبَت الإطعامُ للكبيرِ الذى لا يستطيعُ الصومَ، فأنزَل اللهُ: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ إلى آخرِ الآيةِ (٢).


(١) سيذكر المصنف الأسانيد بذلك في ص ١٧٢ وما بعدها.
(٢) تقدم تخريجه في ص ١٥٨.